إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في رحاب آيـة ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #76
    رد: في رحاب آيـة ..

    [align=center] في رحاب آيـة

    { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}

    يهيب القرآن بالذين آمنوا ليؤدوا واجبهم في بيوتهم من التربية والتوجيه والتذكير ، فيقوا أنفسهم وأهليهم من النار . ويرسم لهم مشهدا من مشاهدها . وحال الكفار عندها. فتبعة المؤمن في نفسه وفي أهله تبعة ثقيلة رهيبة . فالنار هناك وهو متعرض لها هو وأهله ، وعليه أن يحول دون نفسه وأهله ودون هذه النار التي تنتظر هناك . إنها نار . فظيعة مستعرة : ( وقودها الناس والحجارة ) .. الناس فيها كالحجارة سواء .. وما أفظعها نارا هذه التي توقد بالحجارة .. وكل ما بها وما يلابسها فظيع رهيب : ( عليها ملائكة غلاظ شداد ) . تتناسب طبيعتهم مع طبيعة العذاب الذي هم به موكلون .. ( لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون ) .. فمن خصائصهم طاعة الله فيما يأمرهم ، ومن خصائصهم كذلك القدرة على النهوض بما يأمرهم .. وهم بغلظتهم هذه وشدتهم موكلون بهذه النار الشديدة الغليظة .
    [/align]

    تعليق


    • #77
      رد: في رحاب آيـة ..

      [align=center] في رحاب آيـة

      {تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ . فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا . إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا. وَنَرَاهُ قَرِيبًا}

      الأرجح أن اليوم المشار إليه هنا هو يوم القيامة . . وفي هذا اليوم تصعد الملائكة والروح إلى الله . والروح : الأرجح أنه جبريل عليه السلام .. وإنما أفرد بالذكر بعد الملائكة لما له من شأن خاص . وعروج الملائكة والروح في هذا اليوم يفرد كذلك بالذكر ، إيحاء بأهميته في هذا اليوم وخصوصيته ، وهم يعرجون في شؤون هذا اليوم ومهامه .. وأما ( كان مقداره خمسين ألف سنة ) .. فقد تكون كناية عن طول هذا اليوم كما هو مألوف في التعبير العربي . وقد تعني حقيقة معينة ، ويكون مقدار هذا اليوم خمسين ألف سنة من سني أهل الأرض فعلا وهو يوم واحد .. وإذا كان يوم واحد من أيام الله يساوي خمسين ألف سنة ، فإن عذاب يوم القيامة قد يرونه هم بعيدا ، وهو عند الله قريب . ومن ثم يدعو الله نبيه إلى الصبر الجميل على استعجالهم وتكذيبهم بذلك العذاب القريب . ( فاصبر صبرا جميلا . إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) .. والدعوة إلى الصبر والتوجيه إليه صاحبت كل دعوة ، وتكررت لكل رسول ، ولكل مؤمن يتبع الرسول . وهي ضرورية لثقل العبء ومشقة الطريق.. والصبر الجميل هو الصبر المطمئن ، الذي لا يصاحبه السخط ولا القلق ولا الشك في صدق الوعد . صبر الواثق من العاقبة ، الراضي بقدر الله ، الشاعر بحكمته من رواء الابتلاء ، الموصول بالله المحتسب كل شيء عنده مما يقع به . وهذا اللون من الصبر هو الجدير بصاحب الدعوة . فهي دعوة الله ، وهي دعوة إلى الله . ليس له هو منها شيء . وليس له وراءها من غاية . فكل ما يلقاه فيها فهو في سبيل الله ، وكل ما يقع في شأنها هو من أمر الله . . والخطاب هنا للرسول تثبيتا لقلبه على ما يلقى من عنت المناوأة والتكذيب . وتقريرا للحقيقة الأخرى : وهي أن تقدير الله للأمور غير تقدير البشر ؛ ومقاييسه المطلقة غير مقاييسهم الصغيرة : ( إنهم يرونه بعيدا ونراه قريبا ) ..
      [/align]

      تعليق


      • #78
        رد: في رحاب آيـة ..

        [align=center]في رحاب آيـة

        {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطَائِفَةٌ مِّنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ عَلِمَ أَن لَّن تُحْصُوهُ فَتَابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَن سَيَكُونُ مِنكُم مَّرْضَى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}

        إنها لمسة التخفيف الندية ، تمسح على التعب والنصب والمشقة . ودعوة التيسير الإلهي على النبي والمؤمنين . وقد علم الله منه ومنهم خلوصهم له . وقد انتفخت أقدامهم من القيام الطويل للصلاة بقدر من القرآن كبير . وما كان الله يريد لنبيه أن يشقى بهذا القرآن وبالقيام . إنما كان يريد أن يعده للأمر العظيم الذي سيواجهه طوال ما بقي له من الحياة . هو والمجموعة القليلة من المؤمنين الذين قاموا معه. وفي الحديث مودة وتطمين: ( إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك ) .. إنه رآك ! إن قيامك وصلاتك أنت وطائفة من الذين معك قبلت في ميزان الله .. إن ربك يعلمأنك وهم تجافت جنوبكم عن المضاجع ؛ وتركت دفء الفراش في القارسة ، ولم تسمع نداء المضاجع المغري وسمعت نداء الله .. إن ربك يعطف عليك ويريد أن يخفف عنك وعن أصحابك .. ( والله يقدر الليل والنهار ) .. فيطيل من هذا ويقصر من ذاك . فيطول الليل ويقصر . وأنت ومن معك ماضون تقومون أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه . وهو يعلم ضعفكم عن الموالاة . وهو لا يريد أن يعنتكم ولا أن يشق عليكم . إنما يريد لكم الزاد وقد تزودتم فخففوا عن أنفسكم ، وخذوا الأمر هينا : ( فاقرأوا ما تيسر من القرآن ) .. في قيام الليل بلا مشقة ولا عنت .. وهناك - في علم الله - أمور تنتظركم تستنفذ الجهد والطاقة ، ويشق معها القيام الطويل : ( علم أن سيكون منكم مرضى ) "يصعب عليهم هذا القيام" ( وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ) .. في طلب الرزق والكد فيه ، وهو ضرورة من ضرورات الحياة . والله لا يريد أن تدعوا أمور حياتكم وتنقطعوا لعبادة الشعائر انقطاع الرهبان ! ( وآخرون يقاتلون في سبيل الله ) .. فقد علم الله أن سيأذن لكم في الإنتصار من ظلمكم بالقتال ، ولإقامة راية للإسلام في الأرض يخشاها البغاة ! فخففوا إذن على أنفسكم ( فاقرأوا ما تيسر منه ) بلا عسر ولا مشقة ولا إجهاد .. واستقيموا على فرائض الدين : ( وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة ) .. وتصدقوا بعد ذلك قرضا لله يبقى لكم خيره .. ( وأقرضوا الله قرضا حسنا ، وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا ) .. واتجهوا إلى الله مستغفرين عن تقصيركم . فالإنسان يقصر ويخطئ مهما جد وتحرى الصواب : ( واستغفروا الله إن الله غفور رحيم ) .. إنها لمسة الرحمة والود والتيسير والطمأنينة تجيء بعد عام من الدعوة إلى القيام ! ولقد خفف الله عن المسلمين ، فجعل قيام الليل لهم تطوعا لا فريضة . أما رسول الله فقد مضى على نهجه مع ربه ، لا يقل قيامه عن ثلث الليل ، يناجي ربه ، في خلوة من الليل وهدأة ، ويستمد من هذه الحضرة زاد الحياة وزاد الجهاد . على أن قلبه ما كان ينام وإن نامت عيناه . فقد كان قلبه دائما مشغولا بذكر الله ، متبتلا لمولاه . وقد فرغ قلبه من كل شيء إلا من ربه . على ثقل ما يحمل على عاتقه ، وعلى مشقة ما يعاني من الأعباء الثقال ..
        [/align]

        تعليق


        • #79
          رد: في رحاب آيـة ..

          [align=center]في رحاب آيـة

          {يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ. الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ. فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ}


          في هذه الآيات يذكِّر المولى عز وجل الإنسان بنعمة الله الأولى عليه ؛ نعمة خلقه في هذه الصورة السوية ويلمس قلبه لمسة فيه عتاب على غفلته وتقصيره: ( يا أيها الإنسان ) ينادي في الإنسان أكرم ما في كيانه ، وهو "إنسانيته" التي بها تميز عن سائر الأحياء .. ثم يعقبه ذلك العتاب الجميل الجليل : ( ما غرك بربك الكريم ؟ ).. يا أيها الإنسان ما الذي غرك بربك ، فجعلك تقصر في حقه ، وتتهاون في أمره ، ويسوء أدبك في جانبه ؟ وهو ربك الكريم ، الذي أغدق عليك من كرمه وفضله وبره .
          [/align]

          تعليق


          • #80
            رد: في رحاب آيـة ..

            [align=center] في رحاب آيـة

            {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ. وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ. يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ. وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ}


            إنه مصير مؤكد ، وعاقبة مقررة . أن ينتهي الأبرار إلى النعيم . وأن ينتهي الفجار إلى الجحيم . والبر هو الذي يأتي أعمال البر حتى تصبح له عادة وصفة ملازمة . وأعمال البر هي كل خير على الإطلاق .. كما أن الصفة التي تقابلها : ( الفجار ) فيها سوء الأدب والتوقح في مقارفة الإثم والمعصية . والجحيم هي كفء للفجور ! ثم يزيد حالهم فيها ظهورا .. ( يصلونها يوم الدين ) .. ويزيدها توكيدا وتقريرا : ( وما هم عنها بغائبين ) لا فرارا ابتداء . ولا خلاصا بعد الوقوع فيها ولو إلى حين .
            [/align]

            تعليق


            • #81
              رد: في رحاب آيـة ..

              [align=center] في رحاب آيـة

              {وَمَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ. ثُمَّ مَا أَدْرَاكَ مَا يَوْمُ الدِّينِ. يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ}

              لما كان يوم الدين هو موضع التكذيب ، فإنه يعود إليه بعد تقرير ما يقع فيه . يعود إليه ليقرر حقيقته الذاتية في تضخيم وتهويل بالتجهيل وبما يصيب النفوس فيه من عجز كامل وتجرد من كل شبهة في عون أو تعاون . وليقرر تفرد الله بالأمر في ذلك اليوم العصيب : ( وما أدراك ما يوم الدين ؟ ثم ما أدراك ما يوم الدين ؟ يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ، والأمر يومئذ لله ) .. والسؤال للتجهيل مألوف في التعبير القرآني . وهو يوقع في الحس أن الأمر أعظم جدا وأهول جدا من أن يحيط به إدراك البشر المحدود .. وتكرار السؤال يزيد في الاستهوال ..ثم يجيء البيان بما يتناسق مع هذا التصوير ( يوم لا تملك نفس لنفس شيئا ) فهو العجز الشامل . وهو الشلل الكامل ..( والأمر يومئذ لله ) .. يتفرد به سبحانه . وهو المتفرد بالأمر في الدنيا والآخرة . ولكن في هذا اليوم - يوم الدين - تتجلى هذه الحقيقة التي قد يغفل عنها في الدنيا الغافلون المغرورون .
              [/align]
              التعديل الأخير تم بواسطة الـــــريـــــم; 06-26-2008, 01:02 PM.

              تعليق


              • #82
                رد: في رحاب آيـة ..

                [align=center]
                في رحاب آيـة

                {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِينَ. الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُواْ عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ. وَإِذَا كَالُوهُمْ أَو وَّزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ. أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُم مَّبْعُوثُونَ. لِيَوْمٍ عَظِيمٍ. يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ}

                تبدأ السورة بالحرب يعلنها الله على المطففين : ( ويل للمطففين ) .. والويل : الهلاك ..( الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون . وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون ) .. فهم الذين يتقاضون بضاعتهم وافية إذا كانوا شراة . ويعطونها للناس ناقصة إذا كانوا بائعين .. ثم تعجب الآيات الثلاثة التالية من أمر المطففين ، الذين يتصرفون كأنه ليس هناك حساب على ما يكسبون في الحياة الدنيا ، وكأن ليس هناك موقف جامع بين يدي الله في يوم عظيم يتم فيه الحساب والجزاء أمام العالمين ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ؟ يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟ ) .. والتصدي لشأن المطففين بهذا الأسلوب في سورة مكية أمر يلفت النظر . فالسورة المكية عادة توجه اهتمامها إلى أصول العقيدة الكلية : كتقرير وحدانية الله.. وكحقيقة الوحي والنبوة .. وكحقيقة الآخرة والحساب والجزاء . مع العناية بتكوين الحاسة الأخلاقية في عمومها ، وربطها بأصول العقيدة . أما التصدي لمسألة بذاتها من مسائل الأخلاق - كمسألة التطفيف في الكيل والميزان - والمعاملات بصفة عامة ، فأمر جاء متأخرا في السورة المدنية عند التصدي لتنظيم حياة المجتمع في ظل الدولة الإسلامية ، وفق المنهج الإسلامي ، الشامل للحياة .. ومن ثم فإن التصدي لهذا الأمر بذاته في هذه السورة المكية أمر يستحق الانتباه . وهو يشي بعدة دلالات متنوعة : إنه يدل أولا على أن الإسلام كان يواجه في البيئة المكية حالة صارخة من هذا التطفيف يزاولها الكبراء ، الذين كانوا في الوقت ذاته هم أصحاب التجارات الواسعة ، التي تكاد تكون احتكارا ... استحقت هذه اللفتة المبكرة . كما أن هذه اللفتة المبكرة في البيئة المكية تشي بطبيعة هذا الدين ؛ وشمول منهجه للحياة الواقعية وشؤونها العملية ؛ وإقامتها على الأساس الأخلاقي العميق الأصيل في طبيعة هذا المنهج الإلهي القويم . فقد كره هذه الحالة الصارخة من الظلم والانحراف الأخلاقي في التعامل . وهو لم يتسلم بعد زمام الحياة الاجتماعية ، لينظمها وفق شريعته بقوة القانون وسلطان الدولة . ومن ثم ندرك طرفا من الأسباب الحقيقية التي جعلت كبراء قريش يقفون في وجه الدعوة الإسلامية هذه الوقفة العنيدة . فهم كانوا يدركون - ولا ريب - أن هذا الأمر الجديد الذي جاءهم به محمد ليس مجرد عقيدة تكمن في الضمير .. كلا . لقد كانوا يدركون أن هذه العقيدة تعني منهجا يحطم كل أساس الجاهلية التي تقوم عليها أوضاعهم ومصالحهم ومراكزهم .. ومن ثم شنوا عليها تلك الحرب التي لم تضع أوزارها لا قبل الهجرة ولا بعدها . الحرب التي تمثل الدفاع عن أوضاعهم كلها في وجه الأوضاع الإسلامية . ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم ؟ يوم يقوم الناس لرب العالمين ؟ ) .. وإن أمرهم لعجيب . فإن مجرد الظن بالبعث لذلك اليوم العظيم . يوم يقوم الناس متجردين لرب العالمين .. إن مجرد الظن بأنهم مبعوثون لذلك اليوم كان يكفي ليصدهم عن التطفيف ، وأكل أموال الناس بالباطل .. ولكنهم ماضون في التطفيف كأنهم لا يظنون أنهم مبعوثون ! وهو أمر عجيب ، وشأن غريب !
                [/align]

                تعليق


                • #83
                  رد: في رحاب آيـة ..

                  [align=center]في رحاب آيـة

                  {وَالسَّمَاء ذَاتِ الْبُرُوجِ. وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ. وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}


                  تبدأ السورة بهذا القسم : بالسماء ذات البروج ، وهي إما أن تكون أجرام النجوم الهائلة وكأنها بروج السماء الضخمة أي قصورها المبنية .. وإما أن تكون هي المنازل التي تتنقل فيها تلك الأجرام في أثناء دورانها .. والإشارة إليها يوحي بالضخامة . ( واليوم الموعود ) .. وهو يوم الفصل في أحداث الدنيا .. وهو الموعود الذي وعد الله بمجيئه ، ووعد بالحساب والجزاء فيه ، وأمهل المتخاصمين والمتقاضين إليه . ( وشاهد ومشهود ) .. في ذلك اليوم الذي تعرض فيه الأعمال ، وتعرض فيه الخلائق ، فتصبح كلها مشهودة ، ويصبح الجميع شاهدين . وتلتقي السماء ذات البروج ، واليوم الموعود ، وشاهد ومشهود .. تلتقي جميعا في إلقاء ظلال الاهتمام والاحتفال والاحتشاد والضخامة على الجو الذي يعرض فيه بعد ذلك حادث الأخدود.
                  [/align]

                  تعليق


                  • #84
                    رد: في رحاب آيـة ..

                    [align=center] في رحاب آيـة

                    (أَفَلاَ يَتُوبُونَ إِلَى الله ويَستَغفِرونَهُ واللهُ غَفُورُ رَحيمٌ).


                    الدلائل على حب الله تعالى لعباده في القرآن الكريم لا تحصى وأهمها : قبوله تعالى توبة العصاة ، والتجاوزعن سيئاتهم، والإنعام بالرضا، والحب بعد الغضب، ومن ذلك قوله تعالى : (وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى ويؤت كل ذي فضل فضله). (ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) . (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم). إلى آيات كثيرة تدعو الخاطئين إلى رحاب الله الودود الرحيم التواب الغفور، بعد ما بارزوه بالعصيان فسبحانه من متفضل منعم في حالي الطاعة والعصيان. لقد علم الله الإنسان كلمات التوبة وأعمالها بعد أن عصاه: (فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيهِ). فلا رحمة ولا مودة أعظم من ذلك، وما زال الرحمن الرحيم يبسط يديه إلى عباده ليقبل عنهم التوبة حبا لهم، وهو غني عنهم، بل التوبة والإيمان والعمل الصالح باب فلاح العبد في الدنيا والآخرة. قال رجال السلوك: التوبة أول منزلة من منازل السالكين، وأول مقام من مقامات الطالبين. وهي في لغة العرب: الرجوع. يقال: تاب، أي رجع. فالتوبة: الرجوع عما كان مذموماً في الشرع إلى ما هو محمود فيه. وأجمع العلماء على أن التوبة واجبة من كل ذنب. فإن كانت معصية بين العبد وبين الله تعالى، ولا تتعلق بحق آدمي، فلها شروط ثلاثة: أحدها: أن يقلع عن المعصية. الثاني: أن يندم فعلها. الثالث: أن يندم على ألا يعود إليها أبدا. فإن كانت معصية تتعلق بحق آدمي فشروطها أربعة: هذه الثلاثة المتقدمة. والرابع: أن يبرأ من حق صاحبها. فإن كان مالا، أو نحوه رده إليه. وإن كان غيبة استحله منها. وإن كان حد قذف، أو نحوه مكنه من القصاص أو طلب عفوه. والتوبة واجبة على الفور من جميع الذنوب، فإن تاب من بعضها صحت توبته مما تاب منه، وبقي عليه ما لم يتب منه. فسبحان من يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل.

                    [/align]

                    تعليق


                    • #85
                      رد: في رحاب آيـة ..

                      [align=center] في رحاب آيـة

                      {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ}


                      إن العلم بلا إله إلا الله ليس سهلا كما يبدو، بل هو من أصول السلوك. فهو يقتضي أن يسلك المؤمن في حياته موقنا أنه لا نافع ولا ضار سواه، ولا يتوكل على أحد سواه، ولا يجزع إن قضى عليه بما لا يوافق هواه، ويوقن أن كل ما يرد عليه من القضاء فإنما هو خير . {وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ} أخرج الترمذي عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قال الله تبارك وتعالى: (يا بن آدم، إِنَّك مَا دَعَوتَني ورَجوتَني غفرتُ لك على ما كان منك ولا أُبالي. يا بن آدم، لو بلَغت بك ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ثم استغفرتني غفرت لك على ما كان منك ولا أُبالي. يا بن آدم، لو أَتَيتَني بِقُرَاب الأَرض خطايا، ثم لقيتَني لا تشرك بي شيئاً أَتيتُك بقُرابِها مغفرة). وتلك المغفرة لأهل الدعاء والاستغفار والبراءة من الشرك الظاهر والخفي.
                      [/align]

                      تعليق


                      • #86
                        رد: في رحاب آيـة ..

                        [align=center]في رحاب آيـة

                        {أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ. فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ. فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ. الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ. وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}


                        إن هذه السورة الصغيرة ذات الآيات السبع القصيرة تعالج حقيقة ضخمة تكاد تبدل المفهوم السائد للإيمان والكفر تبديلا كاملا . فهذا الدين ليس دين مظاهر وطقوس ؛ ولا تغني فيه مظاهر العبادات والشعائر ، ما لم تكن صادرة عن إخلاص لله وتجرد ، مؤدية بسبب هذا الإخلاص إلى آثار في القلب تدفع إلى العمل الصالح ، وتتمثل في سلوك تصلح به حياة الناس في هذه الأرض وترقى . إن حقيقة الإيمان حين تستقر في القلب تتحرك من فورها .. لكي تحقق ذاتها في عمل صالح. فإذا لم تتخذ هذه الحركة فهذا دليل على عدم وجودها أصلا . وهذا ما تقرره هذه السورة نصا . ( أرأيت الذي يكذب بالدين ؟ فذلك الذي يدع اليتيم ، ولا يحض على طعام المسكين ) إنها تبدأ بهذا الاستفهام الذي يوجه كل من تتأتى منه الرؤية ليرى : (أرأيت الذي يكذب بالدين) وينتظر من يسمع هذا الاستفهام ليرى إلى أين تتجه الإشارة وإلى من تتجه ؟ ومن هو هذا الذي يكذب بالدين ، والذي يقرر القرآن أنه يكذب بالدين .. وإذا الجواب : (فذلك الذي يدع اليتيم . ولا يحض على طعام المسكين )! إن الذي يكذب بالدين هو الذي يدفع اليتيم دفعا بعنف - أي الذي يهين اليتيم ويؤذيه . والذي لا يحض على طعام المسكين ولا يوصي برعايته . فلو صدق بالدين حقا ، ولو استقرت حقيقة التصديق في قلبه ما كان ليدع اليتيم ، وما كان ليقعد عن الحض على طعام المسكين . ( فويل للمصلين ، الذين هم عن صلاتهم ساهون ، الذين هم يراءون ويمنعون الماعون ) إنه دعاء أو وعيد بالهلاك للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون .. فمن هم هؤلاء الذين هم عن صلاتهم ساهون ! إنهم ( الذين يراءون ويمنعون الماعون ) .. إنهم أولئك الذين يصلون ، ولكنهم لا يقيمون الصلاة . الذين يؤدون حركات الصلاة ، وينطقون بأدعيتها ، ولكن قلوبهم لا تعيش معها ، ولا تعيش بها ، وأرواحهم لا تستحضر حقيقة الصلاة وحقيقة ما فيها من قراءات ودعوات وتسبيحات . إنهم يصلون رياء للناس لا إخلاصا لله . ومن ثم هم ساهون عن صلاتهم وهم يؤدونها . ساهون عنها لم يقيموها . والمطلوب هو إقامة الصلاة لا مجرد أدائها . وإقامتها لا تكون إلا باستحضار حقيقتها والقيام لله وحده بها . ومن هنا لا تنشئ الصلاة في نفوس هؤلاء المصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون . فهم يمنعون الماعون .. يمنعون الماعون عن عباد الله . ولو كانوا يقيمون الصلاة حقا لله ما منعوا العون عن عباده ، فهذا هو محك العبادة الصادقة المقبولة عند الله .
                        [/align]

                        تعليق


                        • #87
                          رد: في رحاب آيـة ..

                          [align=center] في رحاب آيـة

                          {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ. لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَّا عَبَدتُّمْ. وَلَا أَنتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ. لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ}


                          لم يكن العرب يجحدون الله ولكن كانوا لا يعرفونه بحقيقته التي وصف بها نفسه: أحد، صمد . فكانوا يشركون به ولا يقدرونه حق قدره ، ولا يعبدونه حق عبادته .. ولكنهم مع إيمانهم بالله كان هذا الشرك يفسد عليهم تصورهم كما كان يفسد عليهم تقاليدهم وشعائرهم ، فيجعلون للآلهة المدعاة نصيبا في زرعهم وأنعامهم ونصيبا في أولادهم . حتى ليقتضي هذا النصيب أحيانا التضحية بأبنائهم . وكانوا يعتقدون أنهم على دين إبراهيم ، وأنهم أهدى من أهل الكتاب ، الذين كانوا يعيشون معهم في الجزيرة العربية .. فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم يقول : إن دينه هو دين إبراهيم - عليه السلام - قالوا : نحن على دين إبراهيم فما حاجتنا إذن إلى ترك ما نحن عليه واتباع محمد ؟! وفي الوقت ذاته راحوا يحاولون مع الرسول خطة وسطا بينهم وبينه ؛ وعرضوا عليه أن يسجد لآلهتهم مقابل أن يسجدوا هم لإلهه ! وأن يسكت عن عيب آلهتهم وعبادتها ، وله فيهم وعليهم ما يشترط .. ولعل اختلاط تصوراتهم ، واعترافهم بالله مع عبادة آلهة أخرى معه .. لعل هذا كان يشعرهم أن المسافة بينهم وبين محمد قريبة ، يمكن التفاهم عليها .. والالتقاء في منتصف الطريق . ولحسم هذه الشبهة ، وقطع الطريق على المحاولة ، والمفاصلة الحاسمة بين عبادة وعبادة ، ومنهج ومنهج ، وتصور وتصور ، وطريق وطريق .. نزلت هذه السورة . بهذا الجزم . ولهذا التوكيد . وبهذا التكرار . لتنهي كل قول ، وتقطع كل مساومة وتفرق نهائيا بين التوحيد والشرك ، وتقيم المعالم واضحة ، لا تقبل المساومة والجدل في قليل ولا كثير : ( قل يا أيها الكافرون . لا أعبد ما تعبدون ، ولا أنتم عابدون ما أعبد ، ولا أنا عابد ما عبدتم ، ولا أنتم عابدون ما أعبد . لكم دينكم ولي دين ) . إن الجاهلية جاهلية ، والإسلام إسلام . والفارق بينهما بعيد . والسبيل هو الخروج عن الجاهلية بجملتها إلى الإسلام بجملته . هو الانسلاخ من الجاهلية بكل ما فيها والهجرة إلى الإسلام بكل ما فيه .
                          [/align]

                          تعليق


                          • #88
                            رد: في رحاب آيـة ..

                            [align=center] في رحاب آيـة

                            {إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ. وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا. فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}


                            هذه السورة الصغيرة .. كما تحمل البشرى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بنصر الله والفتح ودخول الناس في دين الله أفواجا ؛ وكما توجهه حين يتحقق نصر الله وفتحه واجتماع الناس على دينه إلى التوجه إلى ربه بالتسبيح والحمد والاستغفار .. كما تحمل إلى الرسول البشرى والتوجيه .. تكشف في الوقت ذاته عن طبيعة هذه العقيدة وحقيقة هذا المنهج ، ومدى ما يريد أن يبلغ بالبشرية من الرفعة والكرامة .. والانطلاق والتحرر . ( إذا جاء نصر الله ... ) .. فهو نصر الله يجيء به الله : في الوقت الذي يقدره . في الصورة التي يريدها . للغاية التي يرسمها . وليس للنبي ولا لأصحابه من أمره شيء ، وليس لهم في هذا النصر يد . إنما هو أمر الله يحققه بهم أو بدونهم . وبناء على هذا الإيحاء .. يتحدد شأن الرسول ومن معه بإزاء تكريم الله لهم ، وإكرامهم بتحقيق نصره على أيديهم . إن شأنه - ومن معه - هو الاتجاه إلى الله بالتسبيح وبالحمد والاستغفار في لحظة الانتصار . التسبيح والحمد على ما أولاهم من منة بأن جعلهم أمناء على دعوته حراسا لدينه . وعلى ما أولى البشرية كلها من رحمة بنصره لدينه ، وفتحه على رسوله ودخول الناس أفواجا في هذا الخير الفائض العميم ، بعد العمى والضلال والخسران .
                            [/align]

                            تعليق


                            • #89
                              رد: في رحاب آيـة ..

                              [align=center] في رحاب آيـة

                              {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَن لَّمْ يَلْبَثُواْ إِلاَّ سَاعَةً مِّنَ النَّهَارِ يَتَعَارَفُونَ بَيْنَهُمْ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُواْ بِلِقَاء اللّهِ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ }

                              يقول تعالى مذكرًا الناس قيام الساعة، وحشرهم من قبورهم إلى للحساب والجزاء‏:‏ ‏{ويوم يحشرهم‏ كأن لم يلبثوا} في الدنيا أو القبور {إلا ساعة من النهار} لهول ما رأوا {يتعارفون بينهم} يعرف بعضهم بعضا إذا بعثوا. ثم ينقطع التعارف لشدة الأهوال وهذا التعارف هو تعارف التوبيخ والافتضاح !! يقول بعضهم لبعض: أنت أضللتني وأغويتني وحملتني على الكفر؛ وليس هذا التعارف من قبيل الشفقة والرأفة والعطف. {قد خسر الذين كذبوا بلقاء الله وما كانوا مهتدين } خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ولا خسارة أعظم من خسارة من فُرق بينه وبين أحبته يوم الحسرة والندامة‏.

                              [/align]

                              تعليق


                              • #90
                                رد: في رحاب آيـة ..

                                [align=center] في رحاب آيـة

                                { يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءتْكُم مَّوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَشِفَاء لِّمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ}


                                في هذه الآية يوضح ربنا عز وجل الغرض الذي نزل القرآن لأجله، ألا وهو الموعظة البليغة باللغة التي عرفوها وألفوها {بلسان عربي مبين} هذه الموعظة اكتسبت أهميتها ومكانتها لأنها {من ربكم} من الله خالق هذه النفس ومدبر شئونها، وهو وحده العالم بما تخفي وما تعلن. ثم بعد ذلك يبين ربنا تبارك وتعالى الحكمة الثانية التي نزل القرآن بها ألا وهي {وشفاء لما في الصدور} فالقرآن الكريم حقا شفاء حقيقي لما في الصدور، سواء كان هذا الذي في الصدور مرضا معنويا كالحقد والحسد والبغضاء وغيرها، أو كان هذا المرض حسيا ملموسا. وبهذا وردت الأحديث التي توضح أن القرآن شفاء حقيقي للأمراض ومن هذه الأحاديث: ما أخرجه الطبراني عن أبي الأحوص قال‏:‏ جاء رجل إلى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال‏:‏ إن أخي يشتكي بطنه‏.‏ فوصف له الخمر فقال‏:‏ سبحان الله‏.‏‏.‏‏.‏‏!‏ ما جعل الله في رجس شفاء، إنما الشفاء في شيئين‏:‏ القرآن والعسل، فيهما شفاء لما في الصدور وشفاء للناس‏.‏ وفي هذا دليل واضح على أن القرآن شفاء لما في الصدور؛ وهو كذلك مرشد ونعمة للمؤمنين قال تعالى {وهدى ورحمة للمؤمنين} والعلة في تخصيص المؤمنين بالذكر هنا لأنهم المنتفعون به دون ما سواهم. فعلى الناس أن يتمسكوا بكتاب ربهم وأن يقتدوا به وأن يجعلوه نبراسا يضيء حياتهم.
                                [/align]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X