إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

في رحاب آيـة ..

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46
    رد: في رحاب آيـة ..

    [align=center]في رحاب آيـة

    {هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَىإِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى . اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى. فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى. وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى. فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى. فَكَذَّبَ وَعَصَى. ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى. فَحَشَرَ فَنَادَى. فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى. فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى . إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّمَن يَخْشَى}


    قصة موسى عليه السلام من أكثر القصص ورودا وأكثرها تفصيلا في القرآن .. وهنا ترد هذه القصة مختصرة سريعة المشاهد منذ أن نودي بالوادي المقدس ، إلى أخذ فرعون .. وهي تبدأ بتوجيه الخطاب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم: ( هل أتاك حديث موسى ؟ ).. ثم تأخذ في عرض مشهد المناداة والمناجاة : (إذ ناداه ربه بالوادي المقدس طوى).. و"طوى" اسم الوادي على الأرجح . وهو بجانب الطور الأيمن بالنسبة للقادم من مدين في شمال الحجاز . ولحظة النداء لحظة رهيبة جليلة . وهي لحظة كذلك عجيبة . ونداء الله بذاته - سبحانه - لعبد من عباده أمر هائل . أهول مما تملك الألفاظ البشرية أن تعبر . ( اذهب إلى فرعون . إنه طغى ) .. والطغيان أمر كريه ، مفسد للأرض، مخالف لما يحبه الله ، مؤد إلى ما يكره .. فمن أجل منعه ينتدب الله عبدا من عباده المختارين ليحاول وقف هذا الطغيان . .. ثم يعلمه الله كيف يخاطب الطاغية بأحب أسلوب وأشده جاذبية للقلوب ، لعله ينتهي ، ويتقي غضب الله وأخذه : ( فقل هل لك أن تزكى) .. هل لك إلى أن تتطهر من رجس الطغيان ودنس العصيان ؟ هل لك إلى طريق الصلاح والخير؟ ( وأهديك إلى ربك فتخشى ) .. هل لك أن أعرفك طريق ربك ؟ فإذا عرفته وقعت في قلبك خشيته . ( فأراه الآية الكبرى . فكذب وعصى ) .. لم يفلح الأسلوب الحبيب في إلانة القلب الطاغي الخاوي من معرفة ربه . فأراه موسى الآية الكبرى . آية العصا واليد البيضاء ..( فكذب وعصى ) ... ثم يعرض .. مشهد فرعون يتولى عن موسى ، ويسعى في جمع السحرة للمباراة بين السحر والحق . حين عز عليه أن يستسلم للحق والهدى : ( ثم أدبر يسعى . فحشر فنادى . فقال : أنا ربكم الأعلى ) .. قالها الطاغية مخدوعا بغفلة جماهيره ، وإذعانها وانقيادها. فما يخدع الطغاة شيء مثلما تخدعهم غفلة الجماهير وذلتها وطاعتها وانقيادها . وقد وجد فرعون في قومه من الغفلة ومن الذلة ومن خواء القلب من الإيمان ، ما جرؤ به على قول هذه الكلمة الكافرة الفاجرة: ( أنا ربكم الأعلى ).. وما كان ليقولها أبدا لو وجد أمة واعية كريمة مؤمنة ، تعرف أنه عبد ضعيف لا يقدر على شيء . وأمام هذا التطاول الوقح ، بعد الطغيان البشع ، تحركت القوة الكبرى : ( فأخذه الله نكال الآخرة والأولى ) .. ويقدم هنا نكال الآخرة على نكال الأولى .. لأنه أشد وأبقى . فهو النكال الحقيقي الذي يأخذ الطغاة والعصاة بشدته وبخلوده .. ونكال الأولى كان عنيفا قاسيا . فكيف بنكال الآخرة وهو أشد وأنكى ؟ وفرعون كان ذا قوة وسلطان ومجد موروث عريق ؛ فكيف بغيره من المكذبين ؟ وكيف بهؤلاء الذين يواجهون الدعوة من المشركين ؟ ( إن في ذلك لعبرة لمن يخشى ) .. فالذي يعرف ربه ويخشاه هو الذي يدرك ما في حادث فرعون من العبرة لسواه . أما الذي لا يعرف قلبه التقوى فبينه وبين العبرة حاجز ، وبينه وبين العظة حجاب . حتى يصطدم بالعاقبة اصطداما . والعبرة لمن يخشى ..
    [/align]

    تعليق


    • #47
      رد: في رحاب آيـة ..

      [align=center]في رحاب آيـة

      {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى. فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى}


      تعرض لنا هذه الآية العلاج الناجع لكل من قادته نفسه يوما إلى المعصية، ويتمثل هذا العلاج في علاجين ناجحين: الخوف من الله عز وجل، ومخالفة الهوى. فإن الذي يخاف مقام ربه لا يقدم على معصية ، فإذا أقدم عليها بحكم ضعفه البشري قاده خوف هذا المقام الجليل إلى الندم والاستغفار والتوبة. والهوى هو الدافع القوي لكل طغيان، وكل معصية .. وقل أن يؤتى الإنسان إلا من قبل الهوى . فالجهل سهل علاجه. ولكن الهوى بعد العلم هو آفة النفس التي تحتاج إلى جهاد شاق طويل الأمد لعلاجها. والخوف من الله هو الحاجز الصلب أمام دفعات الهوى العنيفة .. ومن ثم يجمع بينهما السياق القرآني في آية واحدة . فالذي يتحدث هنا هو خالق هذه النفس العليم بدائها، الخبير بدوائها.
      [/align]

      تعليق


      • #48
        رد: في رحاب آيـة ..

        [align=center]
        في رحاب آيـة

        {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى}


        هكذا كان رسول الله في كل أمره .. ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما .. وأحاديثه التي تحض على اليسر والسماحة والرفق في تناول الأمور - وفي أولها أمر العقيدة وتكاليفها - كثيرة جدا. من هذا قوله : (إن هذا الدين يسر ، ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه) [ أخرجه البخاري ].. وقوله: (يسروا ولا تعسروا) [ أخرجه الشيخان ] . وفي التعامل : (رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) [ أخرجه البخاري ]. ومن اللمحات العميقة الدلالة كراهيته للعسر والصعوبة حتى في الأسماء وسمات الوجوه ، مما يوحي بحقيقة فطرته وصنع ربه بها وتيسيره لليسرى انطباعا وتكوينا . وسيرة رسول الله كلها صفحات من السماحة واليسر والهوادة واللين والتوفيق إلى اليسر في تناول الأمور جميعا . والآية تقرير لطبيعة هذا الدين ، وحقيقة هذه الدعوة ، ودورها في حياة البشر ، وموضعها في نظام الوجود .. إن الذي ييسره الله لليسرى ليمضي في حياته كلها ميسرا .. اليسر في يده . واليسر في لسانه . واليسر في خطوه . واليسر في عمله . واليسر في تصوره . واليسر في تفكيره . واليسر في أخذه للأمور . واليسر في علاجه للأمور . اليسر مع نفسه واليسر مع غيره .
        [/align]

        تعليق


        • #49
          رد: في رحاب آيـة ..

          جزاك الله خيرا يالريم

          بارك الله فيك


          [/CENTER]

          تعليق


          • #50
            رد: في رحاب آيـة ..

            [align=center]جزاك الجنه غاليتي الندى

            /

            /

            /



            في رحاب آيـة

            { تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِن فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ}

            السماوات هي هذه الخلائق الضخمة الهائلة التي نراها تعلونا حيثما كنا على ظهر هذه الأرض ، والتي لا نعلم إلا أشياء قليلة عن جانب صغير منها . هذه السماوات .. يكدن يتفطرن من فوقهن .. من خشية الله وعظمته وعلوه ، وإشفاقاً من انحراف بعض أهل الأرض ونسيانهم لهذه العظمة التي يحسها ضمير الكون ، فيرتعش وينتفض ، ويكاد ينشق من أعلى مكان فيه ! ( والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض ) .. والملائكة أهل طاعة مطلقة ، فقد كانوا أولى الخلق بالطمأنينة . ولكنهم دائبون في تسبيح ربهم ، لما يحسون من علوه وعظمته ، ولما يخشون من التقصير في حمده وطاعته . ذلك بينما أهل الأرض المقصرون الضعاف ينكرون وينحرفون ؛ فيشفق الملائكة من غضب الله ؛ ويروحون يستغفرون لأهل الأرض مما يقع في الأرض من معصية وتقصير . ( ألا إن الله هو الغفور الرحيم ) فيجمع إلى العزة والحكمة ، العلو والعظمة ، ثم المغفرة والرحمة .. ويعرف العباد ربهم بشتى صفاته . إن الكون كله يعرف ربه ويخشاه، بينما الإنسان الذي فضله على جميع الخلائق سادر في غيه مستمر في مبارزة ربه بالمعاصي ، ورغم هذا إذا تاب وأناب ورجع إلى مولاه التواب غفر له وتاب عليه، ( ألا إن الله هو الغفور الرحيم ).
            [/align]

            تعليق


            • #51
              رد: في رحاب آيـة ..

              [align=center] في رحاب آيـة

              {وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاء فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِير}


              إن الله عز وجل لو شاء لخلق البشر خلقة أخرى توحد سلوكهم ، فتوحد مصيرهم، إما إلى جنة وإما إلى نار . ولكنه - سبحانه - خلق هذا الإنسان لوظيفة . خلقه للخلافة في هذه الأرض . وجعل من مقتضيات هذه الخلافة ، على النحو الذي أرادها ، أن تكون للإنسان استعدادات خاصة بجنسه .. استعدادات يجنح بها ومعها فريق إلى الهدى والنور والعمل الصالح ؛ ويجنح بها ومعها فريق إلى الضلال والظلام والعمل السيئ .. وينتهي إلى النهاية المقررة لهذا السلوك .. وهكذا : ( يدخل من يشاء في رحمته والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير ) .. وفق ما يعلمه الله من حال هذا الفريق وذاك ، واستحقاقه للرحمة بالهداية أو استحقاقه للعذاب بالضلال . ولقد سبق أن بعضهم يتخذ من دون الله أولياء . فهو يقرر هنا أن الظالمين : ( ما لهم من ولي ولا نصير ) .. فأولياؤهم الذين يتخذونهم لا حقيقة لهم إذن ولا وجود.
              [/align]

              تعليق


              • #52
                رد: في رحاب آيـة ..

                [align=center]في رحاب آيـة

                {فَمَا أُوتِيتُم مِّن شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}


                إن في هذه الأرض متاعاً جذاباً براقاً ، وهناك أرزاق وأولاد وشهوات ولذائذ وجاه وسلطان .. ولكن هذا كله ليس قيمة ثابتة باقية . إنما هو متاع . متاع محدود الأجل .. ولا يعد بذاته دليل كرامة عند الله أو مهانة ؛ ولا يعتبر بذاته علامة رضى من الله أو غضب . إنما هو متاع . ( وما عند الله خير وأبقى ) .. خير في ذاته . وأبقى في مدته . لقد آمنت العصبة الأولى من المسلمين إيماناً كاملاً أثر في نفوسهم وأخلاقهم وسلوكهم تأثيراً عجيباً . وكانت صورة الإيمان في نفس البشرية قد بهتت وغمضت حتى فقدت تأثيرها في اخلاق الناس وسلوكهم ، فلما أن جاء الإسلام أنشأ صورة للإيمان حية مؤثرة فاعلة تصلح بها هذه العصبة للقيادة التي وضعت على عاتقها .. ومن مقتضيات هذا الإيمان التوكل على الله . ولكن القرآن يفرد هذه الصفة بالذكر ويميزها : ( وعلى ربهم يتوكلون ) .. إن المؤمن يؤمن بالله وصفاته ، ويستيقن أنه لا أحد في هذا الوجود يفعل شيئاً إلا بمشيئته ، وأنه لا شيء يقع في هذا الوجود إلا بإذنه . ومن ثم يقصر توكله عليه ، ولا يتوجه في فعل ولا ترك لمن عداه .
                [/align]

                تعليق


                • #53
                  رد: في رحاب آيـة ..

                  [align=center] في رحاب آيـة

                  {وَالَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِرَبِّهِمْ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }


                  إن الاستجابة إلى الله عز وجل أنصع دليل وأصدق برهان على صحة الإيمان وصدق اليقين، والاستجابة لأوامر الله إنما تكون بإزالة العوائق التي تقوم بين المؤمنين وبين ربهم، فلا يقفون أمام كل تكليف بعائق من هوى يمنعهم .. وهذه هي الاستجابة في عمومها .. ثم أخذ يفصل بعض هذه الاستجابة: ( وأقاموا الصلاة ) للصلاة في هذا الدين مكانة عظمى ، فهي التالية للقاعدة الأولى فيه . قاعدة شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله . وهي صورة الاستجابة الأولى لله . وهي الصلة بين العبد وربه . ( وأمرهم شورى بينهم ) إن التعبير يجعل أمرهم كله شورى ، ليصبغ الحياة كلها بهذه الصبغة .. فهذا الطابع إذن أعم وأشمل من الدولة في حياة المسلمين . إنه طابع الجماعة الإسلامية في كل حالاتها ،إنه طابع ذاتي للحياة الإسلامية ، وسمة مميزة للجماعة المختارة لقيادة البشرية . وهي من ألزم صفات القيادة . أما الشكل الذي تتم به الشورى فليس مصبوباً في قالب حديدي ؛ فهو متروك للصورة الملائمة لكل بيئة وزمان ، لتحقيق ذلك الطابع في حياة الجماعة الإسلامية . والنظم الإسلامية كلها ليست أشكالاً جامدة ، وليست نصوصاً حرفية ، إنما هي قبل كل شيء روح ينشأ عن استقرار حقيقة الإيمان في القلب ، وتكيف الشعور والسلوك بهذه الحقيقة .. ( ومما رزقناهم ينفقون ) إن الإنفاق العام من رزق الله كان توجيهاً مبكراً في حياة الجماعة الإسلامية . بل إنه ولد مع مولدها .. ولا بد للدعوة من الإنفاق . لا بد منه تطهيراً للقلب من الشح ، واستعلاء على حب المال ، وثقة بما عند الله . وكل هذه الأشياء ضرورية لاستكمال معنى الإيمان ..
                  [/align]

                  تعليق


                  • #54
                    رد: في رحاب آيـة ..

                    [align=center]في رحاب آيـة

                    {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ }

                    يقطع هذا النص بأنه ليس من شأن إنسان أن يكلمه الله مواجهة .. إنما يتم كلام الله للبشر بواحدة من ثلاث : ( وحيا ) يلقى في النفس مباشرة فتعرف أنه من الله ، ( أو من وراء حجاب ) .. كما كلم الله موسى - عليه السلام - وحين طلب الرؤية لم يجب إليها ولم يطق تجلي الله على الجبل ( وخر موسى صعقاً فلما أفاق قال سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين ) .. ( أو يرسل رسولاً ) وهو الملك ( فيوحي بإذنه ما يشاء ) بالطرق التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأولى : ما كان يلقيه الملك في روعه وقلبه من غير أن يراه.. والثانية : أنه كان يتمثل له الملك رجلاً ، فيخاطبه حتى يعي عنه ما يقول . والثالثة : أنه كان يأتيه في مثل صلصلة الجرس ، وكان أشده عليه ، حتى إن جبينه ليتفصد عرقاً في اليوم الشديد البرد.. والرابعة : أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها ، فيوحي إليه ما شاء الله أن يوحيه .. هذه صور الوحي وطرق الاتصال .. ( إنه علي حكيم ) .. يوحي من علو ، ويوحي بحكمة إلى من يختار.
                    [/align]

                    تعليق


                    • #55
                      رد: في رحاب آيـة ..

                      [align=center]في رحاب آيـة

                      {وَمَا نُرِيهِم مِّنْ آيَةٍ إِلَّا هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ. وَقَالُوا يَا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ. فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ الْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ}


                      ابتعث الله عز وجل موسى إلى فرعون وملئه، من الأمراء والوزراء والقادة والأتباع من القبط وبني إسرائيل، يدعوهم إلى عبادة اللّه وحده لا شريك له، وبعث معه آيات عظاماً كَيَدِهِ وعصاه، وما أرسل معه من الطوفان والجراد والقمَّل والضفادع والدم، ومن نقص الزروع والأنفس والثمرات، ومع هذا كله استكبروا عن اتباعها والانقياد لها، وضحكوا ممن جاءهم بها، ‏{وما تأتيهم من آية إلا هي أكبر من أختها‏}‏ لم تكن الآيات التي ظهرت على يدي موسى - عليه السلام - مدعاة لإيمان فرعون وقومه، وهي تأخذهم متتابعة . كل آية أكبر من أختها . . والعجب هنا فيما يحكيه القرآن عن فرعون وملئه قولهم : ( يا أيها الساحر ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون ) .. فهم أمام البلاء ، وهم يستغيثون بموسى ليرفع عنهم البلاء . ويقولون: ( ادع لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون) وهو يقول لهم : إنه رسول ( رب العالمين ) لا ربه هو وحده على جهة الاختصاص ! ولكن لا الخوارق ولا كلام الرسول مس قلوبهم ، ولا خالطتها بشاشة الإيمان ، على الرغم من قولهم : ( إننا لمهتدون )، بل ارتدوا على أعقابهم ( فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون ) ..
                      [/align]

                      تعليق


                      • #56
                        رد: في رحاب آيـة ..

                        [align=center] في رحاب آيـة

                        {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ . فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيم}


                        (إنا أنزلناه) أي القرآن الكريم (في ليلة مباركة) والليلة المباركة التي أنزل فيها القرآن هي - والله أعلم - الليلة التي بدأ فيها نزوله ؛ وهي إحدى ليالي رمضان.. وإنها لمباركة حقا تلك الليلة التي يفتح فيها ذلك الفتح على البشرية ، والتي يبدأ فيها استقرار هذا المنهج الإلهي في حياة البشر .. ولقد عاش الذين أنزل القرآن لهم أول مرة فترة عجيبة في كنف السماء ، موصولين مباشرة بالله ؛ يطلعهم أولاً بأول على ما في نفوسهم ؛ ويشعرهم أولاً بأول بأن عينه عليهم ، ويحسبون هم حساب هذه الرقابة ، وحساب هذه الرعاية ، في كل حركة وكل هاجسة تخطر في ضمائرهم ؛ ويلجئون إليه أول ما يلجئون ، واثقين أنه قريب مجيب . ( فيها يفرق كل أمر حكيم ) .. وقد فرق فيها بهذا القرآن في كل أمر ، وفصل فيها كل شأن ، وتميز الحق الخالد والباطل الزاهق ، ووضعت الحدود ، وأقيمت المعالم لرحلة البشرية كلها بعد تلك الليلة إلى يوم الدين وبقي هذا القرآن منهجاً واضحاً كاملاً صالحاً لإنشاء حياة إنسانية نموذجية في كل بيئة وفي كل زمان.
                        [/align]

                        تعليق


                        • #57
                          رد: في رحاب آيـة ..

                          [align=center]
                          في رحاب آيـة

                          {إِنَّ هَؤُلَاء لَيَقُولُونَ . إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولَى وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ . فَأْتُوا بِآبَائِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ}


                          إن هؤلاء المشركين من العرب ليقولون : ما هي إلا الموتة التي نموتها ، ثم لا حياة بعدها ولا نشور . ويسمونها ( الأولى ) بمعنى السابقة المتقدمة على الموعد الذي يوعدونه للبعث والنشور . ويستدلون على أنه ليس هناك إلا هذه الموتة وينتهي الأمر . يستدلون بأن آباءهم الذين ماتوا هذه الموتة ومضوا لم يعد منهم أحد ، ولم ينشر منهم أحد ؛ ويطلبون الإتيان بهم إن كان النشور حقًّا وصدقاً. وهم في هذا الطلب يغفلون عن حكمة البعث والنشور .. وتلك الحكمة تقتضي مجيء البعث والنشور بعد انقضاء مرحلة الأرض كلها ؛ وتمنع أن يكون البعث لعبة تتم حسب رغبة أو نزوة بشرية لفرد أو لجماعة محدودة من البشر كي يصدقوا بالبعث والنشور !..
                          [/align]

                          تعليق


                          • #58
                            رد: في رحاب آيـة ..

                            [align=center]في رحاب آيـة

                            {الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ. وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ. ذَلِكَ بِأَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا اتَّبَعُوا الْبَاطِلَ وَأَنَّ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّبَعُوا الْحَقَّ مِن رَّبِّهِمْ كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ لِلنَّاسِ أَمْثَالَهُمْ }

                            افتتاح يمثل الهجوم بلا مقدمة ولا تمهيد ! وإضلال الأعمال الذي يواجه به الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله . سواء صدوا هم أم صدوا وصدوا غيرهم - يفيد ضياع هذه الأعمال وبطلانها . ولكن هذا المعنى يتمثل في حركة . فإذا بنا نرى هذه الأعمال شاردة ضالة ، ونلمح عاقبة هذا الشرود والضلال ، فإذا هي الهلاك والضياع . وفي الجانب الآخر : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم ) .. والإيمان الأول بما نزل على محمد . ولكن السياق يبرزه ويظهره ليصفه بصفته : ( وهو الحق من ربهم ) ويؤكد هذا المعنى ويقرره .. وهؤلاء : ( كفر عنهم سيئاتهم ) .. في مقابل إبطال أعمال الذين كفروا ولو كانت حسنات في شكلها وظاهرها .. فإن السيئة تغفر للمؤمنين . . ( وأصلح بالهم ) .. وإصلاح البال نعمة كبرى تلي نعمة الإيمان في القدر والقيمة والأثر .. ومتى صلح البال ، استقام الشعور والتفكير ، واطمأن القلب والضمير .. ورضيت النفس.. وماذا بعد هذا من نعمة أو متاع ؟ . ولم كان هذا وكان ذاك ؟: ( ذلك بأن الذين كفروا اتبعوا الباطل ، وأن الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ) .. والباطل ليست له جذور ومن ثم فهو ذاهب هالك ؛ وكل من يتبعه ذاهب هالك كذلك . ولما كان الذين كفروا اتبعوا الباطل فقد ضلت أعمالهم ، ولم يبق لهم منها شيء ذو غناء . والحق ثابت تقوم عليه السماوات والأرض .. ومن ثم يبقى كل ما يتصل به ويقوم عليه . ولما كان الذين آمنوا اتبعوا الحق من ربهم ، فلا جرم كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم . ..( كذلك يضرب الله للناس أمثالهم ) . وكذلك يضع لهم القواعد التي يقيسون إليها أنفسهم وأعمالهم .
                            [/align]

                            تعليق


                            • #59
                              رد: في رحاب آيـة ..

                              [align=center]في رحاب آيـة

                              {إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ وَالنَّارُ مَثْوًى لَّهُمْ}..


                              ونصيب المؤمنين يتلقونه من يد الله في جنات تجري من تحتها الأنهار . فالله هو الذي يدخلهم . وهو إذن نصيب كريم علوي رفيع . وهم ينالونه من بين يدي الله في علاه جزاء على الإيمان والصلاح ..ونصيب الذين كفروا متاع وأكل ( كما تأكل الأنعام ) .. وهو تصوير زري ، يذهب بكل سمات الإنسان ومعالمه ؛ ويلقي ظلال الأكل الحيواني الشره ، والمتاع الحيواني الغليظ . بلا تذوق ، وبلا تعفف عن جميل أو قبيح .. والحيوانية تتحقق في المتاع والأكل ، ولو كان هناك ذوق مرهف للطعوم ، وحس مدرب في اختيار صنوف المتاع .. وليس هذا هو المقصود . إنما المقصود هو حساسية الإنسان الذي يملك نفسه وإرادته .. فهو يختار الطيب عند الله . عن إرادة لا يخضعها ضغط الشهوة ، ولا يضعفها هتاف اللذة . ولا تحسب الحياة كلها مائدة طعام ، وفرصة متاع ؛ بلا هدف بعد ذلك ولا تقوى فيما يباح وما لا يباح !
                              [/align]

                              تعليق


                              • #60
                                رد: في رحاب آيـة ..

                                [align=center]
                                في رحاب آيـة

                                {وَمِنْهُم مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِندِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءهُمْ }

                                إن سؤالهم ذاك بعد استماعهم للرسول والاستماع معناه السماع باهتمام - يدل على أنهم كانوا يتظاهرون تظاهرا بأنهم يلقون سمعهم وبالهم للرسول صلى الله عليه وسلم وقلوبهم لاهية غافلة .. كما أنه قد يدل من جانب آخر على الغمز الخفي اللئيم إذ يريدون أن يقولوا بسؤالهم هذا لأهل العلم : إن ما يقوله محمد لا يفهم ، أو لا يعني شيئا يفهم . كذلك قد يعنون بهذا السؤال السخرية من احتفال أهل العلم بكل ما يقوله محمد وحرصهم على استيعاب معانيه وحفظ ألفاظه.. وكلها احتمالات تدل على اللؤم والخبث والانطماس والهوى الدفين : ( أولئك الذين طبع الله على قلوبهم واتبعوا أهوائهم ) .. فأما حال المهتدين فهو على النقيض: (والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم): فالذين اهتدوا بدءوا هم بالاهتداء ، فكافأهم الله بزيادة الهدى ، وكافأهم بما هو أعمق وأكمل : ( وآتاهم تقواهم ) .. والتقوى حالة في القلب تجعله أبدا واجفا من هيبة الله ، شاعرا برقابته ، خائفا من غضبه ، متطلعا إلى رضاه.. وهي مكافأة يؤتيها الله من يشاء من عباده ، حين يهتدون هم ويرغبون في الوصول إلى رضى الله .
                                [/align]

                                تعليق

                                يعمل...
                                X