[align=center]
~*¤ô§ô¤*~عقاب~*¤ô§ô¤*~

لم يسألني أحد من أي جنس أريد أن أكون ، حتى أختار جيناتي وأعضائي وقدري العائلي
المرهون للعقاب ومع ذلك قالوا لي أنني ((عقاب ))
ولا أدري عن أي جرم اقترفوه . لعلني أنا التي اقترفته حين أتيت أنثى ،
ولم أحقق رغبة أبوي في أن أكون ذكر ، يحمل أسم العائله ويرفع شموخ القبيلة .
كان قدري أن أكون أنثى في رقعة أرض خلقت لتاج الذكور وصولجانهم وسط الإماء والجواري ، ومساحة وعي ، مبتور نصفها الآخر ، لاتزهو بغير الذكورة ولاتشمخ إلابها .
وكان هذا كافياً كي يسود وجه أبي من الغيظ يوم بشّر بميلادي ، وأن تحمل أمي عذاب ذنبها وذنبي في جريمة اقترفناها معاً كأثنين إحداهما التي أَنجبت والثانية التي أُ نجٍِبت .
لذالك أسموني (( عقاب )) هل كان عقاب لي أم لأمي ؟
أم هو عقاب ألهي لأبي جعلني الله وسيلة قصاص به ؟
أبي الذي لم يرى في ميلادي إلا جزاء لذنب اقترفه ولم يبح لنا يوماً به .
غير أنني أنا التي كنت المعاقبة بامتياز ، ليس فقط باسمي الذي كرهته طوال حياتي ،
بل بتمييزهم الذي تجلت ملامحه وقسوته حين غفر الله لأبي كل ذنوبه ،
ورزقه من بعدي بأخ ذكر أشرقت له جدران البيت وهللت له القبيلة ،
فأهملت من بعد مجيئه حتى النسيان ، حين وضعت على هامش اهتمامات والدتي التي ارتفعت عزة أمومتها على يديه ،وعلى رف مهملات أبي الذي شمر عن ساعديه،
ليعتني بأبنه الذكر القادم إليه من عفو الله ورضاه ،
بعد ثلاث بنات سخرن لخدمته وللتنازل عن متطلباتهن حتى الملحة منها مقابل كماليات الأخ المبجل . ولأنني كنت الأكبرمنه مباشره بفارق عام ونصف العام ،
أحسست عميقاً بفارق المعاملة وقسوة تميزها ،
وباغتراب حاد وسط أقرب مكان وأناس إلي : بيتنا وأبي وأمي .
لم يكن أحد واعياً لعذابات طفولتي التي كثيراً ماكنت أحتمي من مرارة غربتها بحلاوة أحلام يقظتي الكاذبة ، فأخال نفسي صبياً أنعم بمزايا ذكورتي ، وأرتفع على ذروة اهتمامات المحيط والبيت ، وأغرف من دلا ل أمي ومن مفخرة أبي ، وأحمل أسماً يشرف تاريخ أنجابهما منذ أن وعيت وجودي ومعنى أسمي يؤرقني ،
وقصة موجة الحزن الغائمة التي اجتاحت بيتنا وقت ميلادي ، والتي طالما كرروا روايتها على مسمعي تغرس جذور الدونية واللاقيمة في وعيي ولاوعيي . منذ أن ولدت وأنا أحمل وزر وجودي , وخطيئة أنوثتي التي كلما تفجرت معالمها في جسدي أزداد شعوراً بالتضائل , وأزداد كرهاً لنفسي ولعنة أسمي التي تطاردني كثيراً أينما كنت ,
حين أبتعد عن محيط عائلتي ومكان سكني أو دراستي , أغتنم الفرصة لأغيرها ,
فأدعي إذا سألني أحداً أن أسمي ( فرح ) أو ( نعمة ) أو ( هيبة )
وأرجع إلى جدران غرفتي وأنا مبتهجة منتشية بكذبتي البيضاء ,
وأن هناك في هذا العالم من يعرف أنني فرح ولست عقاباً .
لعلني تفوقت في دراستي حتى أغير قدري وأعوض نقصي , وحتى أقنعهم بجدواي وقدرتي على أن أكون مفخرة للعائلة . وأنتزعت شرعية كينونتي قسراً حين حققت تألقاً دراسياً ومركزاً وظيفياً شد أنظارهم نحوي وألسنتهم للثناء علي في كل حين ومناسبة . لكن من يغير أسمي ويجتث جذور مرارته المتأصلة في وجداني ,
أنا الموءودة تحت كثبان جاهليتهم منذ قرون , وقد نفظت عني ثقل رمالي وأنتصبت واحة مخضرة في قلب صحرائهم الجرداء ؟
وهل سيدركون يوماً أنني كنت المعاقبة ولم أكن العقاب ؟
أنا لست عقاباً ........... لست عقاباً ,
فهل يسمعون ؟
هل يفقهون ؟
هل يتقون ؟

بقلم الشاعرة والكاتبة التونسية ( كوثر الزين )[/align]

~*¤ô§ô¤*~عقاب~*¤ô§ô¤*~

لم يسألني أحد من أي جنس أريد أن أكون ، حتى أختار جيناتي وأعضائي وقدري العائلي
المرهون للعقاب ومع ذلك قالوا لي أنني ((عقاب ))
ولا أدري عن أي جرم اقترفوه . لعلني أنا التي اقترفته حين أتيت أنثى ،
ولم أحقق رغبة أبوي في أن أكون ذكر ، يحمل أسم العائله ويرفع شموخ القبيلة .
كان قدري أن أكون أنثى في رقعة أرض خلقت لتاج الذكور وصولجانهم وسط الإماء والجواري ، ومساحة وعي ، مبتور نصفها الآخر ، لاتزهو بغير الذكورة ولاتشمخ إلابها .
وكان هذا كافياً كي يسود وجه أبي من الغيظ يوم بشّر بميلادي ، وأن تحمل أمي عذاب ذنبها وذنبي في جريمة اقترفناها معاً كأثنين إحداهما التي أَنجبت والثانية التي أُ نجٍِبت .
لذالك أسموني (( عقاب )) هل كان عقاب لي أم لأمي ؟
أم هو عقاب ألهي لأبي جعلني الله وسيلة قصاص به ؟
أبي الذي لم يرى في ميلادي إلا جزاء لذنب اقترفه ولم يبح لنا يوماً به .
غير أنني أنا التي كنت المعاقبة بامتياز ، ليس فقط باسمي الذي كرهته طوال حياتي ،
بل بتمييزهم الذي تجلت ملامحه وقسوته حين غفر الله لأبي كل ذنوبه ،
ورزقه من بعدي بأخ ذكر أشرقت له جدران البيت وهللت له القبيلة ،
فأهملت من بعد مجيئه حتى النسيان ، حين وضعت على هامش اهتمامات والدتي التي ارتفعت عزة أمومتها على يديه ،وعلى رف مهملات أبي الذي شمر عن ساعديه،
ليعتني بأبنه الذكر القادم إليه من عفو الله ورضاه ،
بعد ثلاث بنات سخرن لخدمته وللتنازل عن متطلباتهن حتى الملحة منها مقابل كماليات الأخ المبجل . ولأنني كنت الأكبرمنه مباشره بفارق عام ونصف العام ،
أحسست عميقاً بفارق المعاملة وقسوة تميزها ،
وباغتراب حاد وسط أقرب مكان وأناس إلي : بيتنا وأبي وأمي .
لم يكن أحد واعياً لعذابات طفولتي التي كثيراً ماكنت أحتمي من مرارة غربتها بحلاوة أحلام يقظتي الكاذبة ، فأخال نفسي صبياً أنعم بمزايا ذكورتي ، وأرتفع على ذروة اهتمامات المحيط والبيت ، وأغرف من دلا ل أمي ومن مفخرة أبي ، وأحمل أسماً يشرف تاريخ أنجابهما منذ أن وعيت وجودي ومعنى أسمي يؤرقني ،
وقصة موجة الحزن الغائمة التي اجتاحت بيتنا وقت ميلادي ، والتي طالما كرروا روايتها على مسمعي تغرس جذور الدونية واللاقيمة في وعيي ولاوعيي . منذ أن ولدت وأنا أحمل وزر وجودي , وخطيئة أنوثتي التي كلما تفجرت معالمها في جسدي أزداد شعوراً بالتضائل , وأزداد كرهاً لنفسي ولعنة أسمي التي تطاردني كثيراً أينما كنت ,
حين أبتعد عن محيط عائلتي ومكان سكني أو دراستي , أغتنم الفرصة لأغيرها ,
فأدعي إذا سألني أحداً أن أسمي ( فرح ) أو ( نعمة ) أو ( هيبة )
وأرجع إلى جدران غرفتي وأنا مبتهجة منتشية بكذبتي البيضاء ,
وأن هناك في هذا العالم من يعرف أنني فرح ولست عقاباً .
لعلني تفوقت في دراستي حتى أغير قدري وأعوض نقصي , وحتى أقنعهم بجدواي وقدرتي على أن أكون مفخرة للعائلة . وأنتزعت شرعية كينونتي قسراً حين حققت تألقاً دراسياً ومركزاً وظيفياً شد أنظارهم نحوي وألسنتهم للثناء علي في كل حين ومناسبة . لكن من يغير أسمي ويجتث جذور مرارته المتأصلة في وجداني ,
أنا الموءودة تحت كثبان جاهليتهم منذ قرون , وقد نفظت عني ثقل رمالي وأنتصبت واحة مخضرة في قلب صحرائهم الجرداء ؟
وهل سيدركون يوماً أنني كنت المعاقبة ولم أكن العقاب ؟
أنا لست عقاباً ........... لست عقاباً ,
فهل يسمعون ؟
هل يفقهون ؟
هل يتقون ؟

بقلم الشاعرة والكاتبة التونسية ( كوثر الزين )[/align]
تعليق