السؤال
تفسير مختصر لسورة الفاتحة .......؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
هذه السورة تسمي سورة الفاتحة ، وتسمى أم القرآن ، وهي مجملة فصلت القرآن كله ، تستمل على تبيين الأسماء والصفات في الآيات الأولى ، وتشتمل على تبيين العبادة في قوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) وعلى الدعاء الذي في ختام السورة ، وتشتمل على الولاء والبراء في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
وهي علي قصرها تشمل المطالب التى جاء القرآن بتفسيرها مما ذكرت من الأنواع الثلاثة.
ففي مطلع هذه السورة يعلمنا الله جل شأنه كيف نحمده. ونثني عليه الثناء كله فقال سبحانه : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
ثم علمنا كيف نمجده بقوله سبحانه (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ).
ثم علمنا أن نخصه بالعبادة لا نصرف منها شيئاً إلي غيره سبحانه فنعبده بما شرع ، كما شرع ، ونخلص له في ذلك كما أمرنا سبحانه بقوله (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)
وقال سبحانه معلماً لنا أن نقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) بمعنى أن لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك.
ثم علمنا كيف ندعوه ونضرع إليه ، ونطلب منه ما فيه سعادتنا في الدنيا والآخرة ، وما يصلنا به ويقوى الصلة بين المؤمنين به ، وكيف نتبرأ ممن حاد عن طريقة فغضب عليه وأضله عن سواء السبيل ، فأمرنا أن نقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ). والمغضوب عليهم هم كل من علم ، وكان على بينه من أمر دينه ، وعلى بينة من الحق وبصيرة منه ، ومع ذلك حاد عنه ولم يسلك الطريق الحق ، فكل من كان على هذا النحو فهو ممن غضب الله عليهم.
ومن أول هؤلاء اليهود الذين عرفوا الحق وحادوا عنه ، وقد سئل بعض اليهود عن الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينه وبين قومه فقالوا : إنا نعلم أنه رسول اكثر مما نعرف عن نسبنا لآبائنا ، فنسبه لأبيه قد يكون مدخولاً ، أمات البينة الصريحة الصحيحة فهي مثبتة لرسالة نبينا محمد ( صلى الله عليه و سلم) فهو على بينه من رسالة النبي ( صلى الله عليه و سلم) ، ومعرفته بذلك أقوى من معرفته بنسبه لأبيه ، ومع ذلك حاد عن الطريق المستقيم.
هؤلاء الذين كانوا على بينه من الحق ومعرفة به ثم حادوا عنه يقال لهم المغضوب عليهم ، ومن الأضلين في هذا اليهود عليهم لعائن الله.
أما الضالون فهم كل جماعة جهلت الحق وطريق الصواب ، وكانت في أمر عملها علي غيره بصيرة من دينها ، ويمثل هؤلاء النصاري ، فهم الضالون كما ورد هذا في حديث عن النبي ( صلى الله عليه و سلم) : بين أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالين هم النصاري.
وهذا من التفسير الجزئي أي من باب التمثيل لمن غضب الله عليهم ، والتمثيل لمن أضلهم الله عن سواء السبيل.
والآيات الأخيرة بينت الطائفة التى تجب موالاتها ، والسير في طريقها ومواخاتها ، وهم الذين سلكوا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين فهؤلاء رفقاء الخير وطريقهم طريق ، وأن يسلك سبيلهم رجاء أن يرحمه الله جل شأنه في الدنيا والآخرة.
أما الفريق الثاني فهو الذي يجب البراءة منه ، وهم الفريق المغضوب عليه ، والفريق الضال لسواء السبيل.
هؤلاء هم الذين يجب على المسلم أن يتبرأ منهم ، عقدة وعملاً ، وأن يمتلئ قلبه ببعضهم إلا بمقدار ما يدعوهم إلي الحق ، ويبين لهم الصواب لأن البلاغ واجب ، ولابد منه ، إقامة للحجة ،وأعذارا إليهم حتى لا يكون لهم على الله حجة بعد البلاغ والبيان.
هذه السورة جاء في فضلها حديث قدسى وأحاديث نبوية ، أما الحديث القدسي الذي قسمها أقساماً ، وأشار إلي معناها إجمالاً ، وبين الكثير من فضلها ، ومكانتها من الإسلام فقد قال فيه النبي ( صلى الله عليه و سلم) عن ربه : ( قال الله تعالى قسمت الصلاة أي الفاتحة ، بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل.
فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال الله تعالى : حمدنى عبدى
وإذا قال : ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قال الله تعالى أثني عليّ عبدى
وإذا قال : (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قال الله تعالى : كجدنى عبدى .
وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) قال الله : هذه بيني وبين عبدى ، ولعبدى ما سأل ".
يريد بالنصف الأول خطابه تعالى عباده بقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) علمهم أن يقولوا : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) ، فهذا حق الله من عباده.
ويريد من النصف الثاني الذي لعبده . (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) أي لا نستعين إلا بك حدود مصلحته وما يعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة.
وإذا قال العبد : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ). إلي أخر السورة. قال الله تعالى : هذه لعبدى ولعبدى ما سأل.
فسمى الله سبحانه هذه السورة الصلاة إيذاناً بأنها ركن من أركان الصلاة ، ولذلك لا تصح صلاة المسلم إلا إذا قرأ الفاتحة في الصلاة الجهرة، والسرية إماماً ، ومنفرداً ومأموماً هذا هو الرأي الصحيح عند فقهاء المسلمين وأئمتهم ، ولا تجزيء الصلاة ولا تصح من المصلي إذا لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب ، لأن الله جل شأنه سماها الصلاة ، فجعلها نفس الصلاة إيذاناً منه سبحانه ، بأن لها شأنها في إقام الصلاة وإجزائها.
وهذه السورة فيها إثبات لأسماء الله وصفاته ، وإلي ذلكم الإشارة في الآيات الأولى .
فقد سمى الله نفسه باسمه الذي لا يسمي به غيره ، وهو كلمة الله ، ثم وصف لفظ الجلالة بأنه الرب للعالمين جميعاً ، الملائكة والإنس والجن وسائر المخلوقات ، والجمادات من سماوات وأراضين ، رب العالمين جميعاً.
ثم وصف نفسه بأنه الرحمن الرحيم وسمى نفسه بذلك.
ثم وصف نفسه سبحانه بأنه مالك يوم الدين ، ويوم الدين هو يوم القيامة ، فكما ملك الدنيا ملك الآخرة ، وهي دار الجزاء ليجزى فيها كل نفس بما عملت من خير أو شر .
فهذا فيه إشارة إجمالية إلي صفات الجلال والكمال التى وصف الله تعالي نفسه بها.
ثم ذكر حق عباده عيه ، وحقه على عباده ، ثم ختم السورة بالولاء والبراء ، ليبين لنا من يجب علينا أن نواليه وا، نؤاخيه ومن يجب علينا أن نعاديه ، وأن نتنكب طريقه ، فإنه طريق السوء والشر طريق الهلاك والتبار.
هذه السورة ورد في فضلها عن النبي (صلى الله عليه و سلم) أنه دخل المسجد يوماً ما فوجد أبا سعيد بن المعلى يصلي نافلة ، فنادي فحار أبو سعيد بن المعلى ، هل يجيبه أو يستمر في صلاته ، وغلب جانب الاستمرار في صلاته طاعة لله ، وإيثاراً لجانبه ، ولما انتهي من صلاته جاء إلي النبي (صلى الله عليه و سلم) استجابة لندائه ، وإن كان بعد فترة ، فقال له :" يا أبا سعيد ألم أنادك ؟" فقال :بلي ولكنى كنت أصلي ، قال له : " إن الله تعالى قال في محكم كتابه " : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) فبين له أنه كان يجب عليه أن يجيب النبي(صلى الله عليه و سلم) ، ولكن أبا سعيد آثر جانب الاستمرار في صلاته اجتهاداً منه ، فله الأجر عند الله على عمله واجتهاده.
ثم قال له : " يا أبا سعيد لأعلمنك سورة من القرآن هي أفضل القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم ". ثم سكت النبي (صلى الله عليه و سلم) ولم يعلمه ، لم يعجل بتعليمه السورة وأخذ في طريقه إلي باب المسجد فلما اقترب من باب المسجد قال له أبو سعيد : يا رسول الله ألم تقل لأعلمنك سورة هذ كذا وهي كذا ؟ فقال : بلي ثم قال له : هي سورة الفاتحة وقرأ قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).
(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي ) الآيات السبع التي تكونت منها سورة الفاتحة ، سميت مثاني لما فيها من الثناء على الله جل شأنه ، ولأنها تتكرر قراءاتها في كل ركعة من ركعات الصلاة ، فلتكرارها في الصلاة في كل ركعة ، ولاشتمالها على الثناء على الله سميت في نص القرآن السبع المثاني (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) وهذا من عطف العام على الخاص ،ويدخل فيه سورة الفاتحة.
فهي سبع آيات من القرآن ، وهي داخلة في قوله تعالى : (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) وهي أفضل القرآن.
فهذا بان من النبي (صلى الله عليه و سلم) لفضل الفاتحة ، ولمكانتها عند الله جل شأنه ، مع كونها كلام الله ، وكلام الله خير الكلام، وفضل كلام الله على كلام البشر كفضل الله على عباده ، وشتان ما بين الله ولبن عباده فالفرق شاسع.
وكذلكم الفضل واسع ولا يقدر قدره إلا الله ، كما يقدر قدر الله إلا الله فلا يقدر قدر كلامه إلا هو ، ولا يقدر قدر الفاتحة خاصة الا الي تكلم بها وانزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم .
فهذا من فضائل الفتحة التى بينها الرسول صلى الله عليه وسلم كما بين فضلها الله سبحانه فى الحديث القدسي الذي ذكرناها .
ومما جاء فى فضل الفاتحة والانتفاع بها الرقية لها حتى ولو كان من رقي بها كافرا فقد ثبت فى حديث البخاري ان سرية من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم ارسلها الرسول صلى الله عليه وسلم فى مهمة فنزلت فى طريقها على قوم من الكفار عتاة فاستضافوهم فأبى اولئك الكفار ان يضيقوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بينهم وبين أولئك الصحابة من العداوة والبغضاء وما فى قلب الانسان يظهر فى اعماله وعلى جوارحه وفى فلتات لسانه .
فهؤلاء قابلوا استضافة الصحابة رضى الله عنهم بالتنكر لهم فذهب عنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وجزاء لهم على موقفهم السيء من الصحابة رضوان الله عليهم وعقوبة لهم سلط الله على سيدهم حشرة لدغته فطلبوا له العلاج بكل ما يستطيعون فلم يفلحوا ، واضطروا الى ان يذهبوا الى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منزلهم الذي نزلوا فيه لستعينوا بهم على علاج لديغهم وقالوا لهم القصة انهم طلبوا له العلاج بكل شيء لا ينفعة شيء فهل عندكم من علاج ؟ فقال ابو سعيد الخدري وهو تقريبا اصغرهم سنا لكنه يحفظ الكثير من القرآن قال : والله ان عندى له علاجا ، ولكني لست بفاعل حتى تجعلوا لنا جعلا انا استضفناكم فلم تضيفونا ، فجعلوا لهم جعلا على ان ياتى ابو سعيد اليه ليقوم بعلاجه ، والشفاء بيد الله لا بيد ابى سعيد الخدري وذهب معهم الى الليدغ وقرأ عليه سورة الفاتحة مرة واحدة فقام كانما هو جمل نشط من عقال كانما هو جمل حل عقالة والجمل معروف عند العرب بانه قوى فاذا حل عقاله وكان امامه اقوى رجل دفعه بصدره فوقع على ظهره وليس به بأس كانه لم يلدغ فاعطوهم الجعل وكان قطيعا من الغنم وكان يكفى الصحابة اعداد قليلة من الغنم ولو انهم كانوا قد اضافوهم اول الامر لكن رزقهم الله هذا الرزق الواسع ثم ارتابوا وقالوا فما بينهم فقد يكون هذا كسبا غير حلال والصحابة رضوان الله عليهم عرف فيهم التحرى لكسب الحلال وعرف فيهم الصلاح وتقوى الله سبحانه وتعالى فقالوا لا نأكل حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما رجعوا سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لابى سعيد " ما يدريك انها رقيو " ؟ فقال شيء القاه الله فى ورعي والورع القلب والورع بالفتح الخوف .
فإبراهيم لما جاءته الملائكة أوجس خيفة منهم آخذه روع وآخذته المخافة ثم ذهب عنه الروع لما عرف حقيقة الامر
القصد ان الروع الخوف والروع هو القلب فقال ابو سعيد هذا شيء القاه الله فى روعى وهذا مثل مثل ما يلقى فى قلب بعض الطيبين بان فلانا سوف ياتى من السفر هذا مجرد احساس باطنى لا يفيد اليقين لكنه يدفع الإنسان إلى ان يتحدث عما جال فى خاطره وان كان لا يسمى علما لكنه هواجس وخواطر تجول فى صدره ولا يسمى علم الغيب ,
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم جوابا عن سؤالهم هل هذا من الكسب الحلال او الكسب الحرام ؟ قال : " ان الحق ما اخذتم عليه اجرا كتاب الله " يريد بهذا ان العلاج قد يكون بالكي ، وقد يكون بسحب السم من اللديغ من المكان الذي لدغ فيه .
وكيف يسحب السم منه يشرط جلده فيخرج الدم او يمتص طبيا وقد يكون برقية وقد يكون بدعوة له وهناك انواع كثيرة للعلاج منها الرقية بقراءة القرآن التى ترتب عليها الشفاء وصاحبها احق بالاجر من الشخص الذى يعالج علاجا مايا مثل الطبيب او غيره .
فهذا بيان من النبى صلى الله عليه وسلم لمشروعيته الرقية بالفاتحة وهذا بيان لنتيجة الرقية التى بها شفاء هذا وان كان كافرا .
وليس المراد بهذا الحديث ان ياخذ الانسان اجرا على تلاوة القرآن مثل الصييت او ان باخذ اجرا على قراءة القرآن على الاموات فان فان هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معلم البشر وهو المبلغ عن ربه سبحانه وتعالى .
فقراءة القرآن على الاموات رجاء ان يرحمهم الله بدعة من البدع واخذ اجر على تلاوة القرآن ايضا لا يجوز .
والكفار الذين اعطوا الصحابة قطيعا من الغنم لم يعطوهم اياه حبا للقرآن او حبا فيه ، وا وحبا للقارئ ، وللمسلمين وللاسلام ، بل القرآن ابغض اليهم من كل شيء ، والصحابة ابغض اليهم من كل شيء ورسولهم ابغض اليهم من كل شيء ، ومع ذلك دفعوا الاجر فالاجر ليس للتلاوة وانما هو العلاج ولم يدفعوا الاجر الا بعد الشفاء لانهم جعلوه على الشفاء لا على التلاوة .
فالاستدلال بهذه الجملة من الحديث على جواز تلاوة تالقرآن على الاموات رحمه لهم او الاستدلال بها على مجرد تلاوة القرآن واخذ اجر عليه لاستماع الناس اليه لا يجوز ولا يصح وهو من تحريف الكلم عن مواضعه ، وهذا من فوائد هذا الحديث الى جانب الفائدة الجليلة التى بينها النبي صلى الله عليه وسلم بين بها منزلة القر’ن ومكانته من غيره من القربات ومكانة الفاتحة من سائر القرآن ,
هذا بيان لجانب اخر من جوانب فضيلة سورة الفاتحة وذكرت من قبل فضيلتها وانها جعلت فرضا فى كل من ركعات الصلاة بخلاف السورة التى بعدها فانها من سنن الصلاة لو تركها المصلى تكون صلاته صحيحة اما الفاتحة فلو تركها كانت صلاته باطلة .
والقرآن كله خير وفضله على كلام البشر كفضل الله على عبادة واسأل الله جل شأنه ان يبصرنا بديننا وان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وان يجعله لارواحنا دواء وان يجعله مصدر تشريعنا وان يستميل لوينا اليه حتى لا نحكم سواه وسوى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان من اخذ بهما اخذ بالحق وكان على بينه وبصيرة من امر دينه مع ربه ومع المخلوقات وكان حبيا لله فى الدنيا والاخرة سعيدا فى دنياه وفى اخرته .
المفتي : عبد الرزاق عفيفي
.............
تفسير مختصر لسورة الفاتحة .......؟
الجواب :
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
(الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ *إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ * اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
هذه السورة تسمي سورة الفاتحة ، وتسمى أم القرآن ، وهي مجملة فصلت القرآن كله ، تستمل على تبيين الأسماء والصفات في الآيات الأولى ، وتشتمل على تبيين العبادة في قوله (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) وعلى الدعاء الذي في ختام السورة ، وتشتمل على الولاء والبراء في قوله تعالى : (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ).
وهي علي قصرها تشمل المطالب التى جاء القرآن بتفسيرها مما ذكرت من الأنواع الثلاثة.
ففي مطلع هذه السورة يعلمنا الله جل شأنه كيف نحمده. ونثني عليه الثناء كله فقال سبحانه : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ )
ثم علمنا كيف نمجده بقوله سبحانه (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ).
ثم علمنا أن نخصه بالعبادة لا نصرف منها شيئاً إلي غيره سبحانه فنعبده بما شرع ، كما شرع ، ونخلص له في ذلك كما أمرنا سبحانه بقوله (قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ* لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ)
وقال سبحانه معلماً لنا أن نقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) بمعنى أن لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك.
ثم علمنا كيف ندعوه ونضرع إليه ، ونطلب منه ما فيه سعادتنا في الدنيا والآخرة ، وما يصلنا به ويقوى الصلة بين المؤمنين به ، وكيف نتبرأ ممن حاد عن طريقة فغضب عليه وأضله عن سواء السبيل ، فأمرنا أن نقول (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ). والمغضوب عليهم هم كل من علم ، وكان على بينه من أمر دينه ، وعلى بينة من الحق وبصيرة منه ، ومع ذلك حاد عنه ولم يسلك الطريق الحق ، فكل من كان على هذا النحو فهو ممن غضب الله عليهم.
ومن أول هؤلاء اليهود الذين عرفوا الحق وحادوا عنه ، وقد سئل بعض اليهود عن الرسول عليه الصلاة والسلام فيما بينه وبين قومه فقالوا : إنا نعلم أنه رسول اكثر مما نعرف عن نسبنا لآبائنا ، فنسبه لأبيه قد يكون مدخولاً ، أمات البينة الصريحة الصحيحة فهي مثبتة لرسالة نبينا محمد ( صلى الله عليه و سلم) فهو على بينه من رسالة النبي ( صلى الله عليه و سلم) ، ومعرفته بذلك أقوى من معرفته بنسبه لأبيه ، ومع ذلك حاد عن الطريق المستقيم.
هؤلاء الذين كانوا على بينه من الحق ومعرفة به ثم حادوا عنه يقال لهم المغضوب عليهم ، ومن الأضلين في هذا اليهود عليهم لعائن الله.
أما الضالون فهم كل جماعة جهلت الحق وطريق الصواب ، وكانت في أمر عملها علي غيره بصيرة من دينها ، ويمثل هؤلاء النصاري ، فهم الضالون كما ورد هذا في حديث عن النبي ( صلى الله عليه و سلم) : بين أن المغضوب عليهم هم اليهود وأن الضالين هم النصاري.
وهذا من التفسير الجزئي أي من باب التمثيل لمن غضب الله عليهم ، والتمثيل لمن أضلهم الله عن سواء السبيل.
والآيات الأخيرة بينت الطائفة التى تجب موالاتها ، والسير في طريقها ومواخاتها ، وهم الذين سلكوا الصراط المستقيم صراط الذين أنعم الله عليهم من النبيين ، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين فهؤلاء رفقاء الخير وطريقهم طريق ، وأن يسلك سبيلهم رجاء أن يرحمه الله جل شأنه في الدنيا والآخرة.
أما الفريق الثاني فهو الذي يجب البراءة منه ، وهم الفريق المغضوب عليه ، والفريق الضال لسواء السبيل.
هؤلاء هم الذين يجب على المسلم أن يتبرأ منهم ، عقدة وعملاً ، وأن يمتلئ قلبه ببعضهم إلا بمقدار ما يدعوهم إلي الحق ، ويبين لهم الصواب لأن البلاغ واجب ، ولابد منه ، إقامة للحجة ،وأعذارا إليهم حتى لا يكون لهم على الله حجة بعد البلاغ والبيان.
هذه السورة جاء في فضلها حديث قدسى وأحاديث نبوية ، أما الحديث القدسي الذي قسمها أقساماً ، وأشار إلي معناها إجمالاً ، وبين الكثير من فضلها ، ومكانتها من الإسلام فقد قال فيه النبي ( صلى الله عليه و سلم) عن ربه : ( قال الله تعالى قسمت الصلاة أي الفاتحة ، بيني وبين عبدي نصفين ، ولعبدي ما سأل.
فإذا قال العبد : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) قال الله تعالى : حمدنى عبدى
وإذا قال : ( الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ) قال الله تعالى أثني عليّ عبدى
وإذا قال : (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ ) قال الله تعالى : كجدنى عبدى .
وإذا قال : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) قال الله : هذه بيني وبين عبدى ، ولعبدى ما سأل ".
يريد بالنصف الأول خطابه تعالى عباده بقوله : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) علمهم أن يقولوا : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ ) ، فهذا حق الله من عباده.
ويريد من النصف الثاني الذي لعبده . (وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) أي لا نستعين إلا بك حدود مصلحته وما يعود عليه بالخير في الدنيا والآخرة.
وإذا قال العبد : ( اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ). إلي أخر السورة. قال الله تعالى : هذه لعبدى ولعبدى ما سأل.
فسمى الله سبحانه هذه السورة الصلاة إيذاناً بأنها ركن من أركان الصلاة ، ولذلك لا تصح صلاة المسلم إلا إذا قرأ الفاتحة في الصلاة الجهرة، والسرية إماماً ، ومنفرداً ومأموماً هذا هو الرأي الصحيح عند فقهاء المسلمين وأئمتهم ، ولا تجزيء الصلاة ولا تصح من المصلي إذا لم يقرأ فيها فاتحة الكتاب ، لأن الله جل شأنه سماها الصلاة ، فجعلها نفس الصلاة إيذاناً منه سبحانه ، بأن لها شأنها في إقام الصلاة وإجزائها.
وهذه السورة فيها إثبات لأسماء الله وصفاته ، وإلي ذلكم الإشارة في الآيات الأولى .
فقد سمى الله نفسه باسمه الذي لا يسمي به غيره ، وهو كلمة الله ، ثم وصف لفظ الجلالة بأنه الرب للعالمين جميعاً ، الملائكة والإنس والجن وسائر المخلوقات ، والجمادات من سماوات وأراضين ، رب العالمين جميعاً.
ثم وصف نفسه بأنه الرحمن الرحيم وسمى نفسه بذلك.
ثم وصف نفسه سبحانه بأنه مالك يوم الدين ، ويوم الدين هو يوم القيامة ، فكما ملك الدنيا ملك الآخرة ، وهي دار الجزاء ليجزى فيها كل نفس بما عملت من خير أو شر .
فهذا فيه إشارة إجمالية إلي صفات الجلال والكمال التى وصف الله تعالي نفسه بها.
ثم ذكر حق عباده عيه ، وحقه على عباده ، ثم ختم السورة بالولاء والبراء ، ليبين لنا من يجب علينا أن نواليه وا، نؤاخيه ومن يجب علينا أن نعاديه ، وأن نتنكب طريقه ، فإنه طريق السوء والشر طريق الهلاك والتبار.
هذه السورة ورد في فضلها عن النبي (صلى الله عليه و سلم) أنه دخل المسجد يوماً ما فوجد أبا سعيد بن المعلى يصلي نافلة ، فنادي فحار أبو سعيد بن المعلى ، هل يجيبه أو يستمر في صلاته ، وغلب جانب الاستمرار في صلاته طاعة لله ، وإيثاراً لجانبه ، ولما انتهي من صلاته جاء إلي النبي (صلى الله عليه و سلم) استجابة لندائه ، وإن كان بعد فترة ، فقال له :" يا أبا سعيد ألم أنادك ؟" فقال :بلي ولكنى كنت أصلي ، قال له : " إن الله تعالى قال في محكم كتابه " : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ) فبين له أنه كان يجب عليه أن يجيب النبي(صلى الله عليه و سلم) ، ولكن أبا سعيد آثر جانب الاستمرار في صلاته اجتهاداً منه ، فله الأجر عند الله على عمله واجتهاده.
ثم قال له : " يا أبا سعيد لأعلمنك سورة من القرآن هي أفضل القرآن ، وهي السبع المثاني ، وهي القرآن العظيم ". ثم سكت النبي (صلى الله عليه و سلم) ولم يعلمه ، لم يعجل بتعليمه السورة وأخذ في طريقه إلي باب المسجد فلما اقترب من باب المسجد قال له أبو سعيد : يا رسول الله ألم تقل لأعلمنك سورة هذ كذا وهي كذا ؟ فقال : بلي ثم قال له : هي سورة الفاتحة وقرأ قوله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ).
(وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي ) الآيات السبع التي تكونت منها سورة الفاتحة ، سميت مثاني لما فيها من الثناء على الله جل شأنه ، ولأنها تتكرر قراءاتها في كل ركعة من ركعات الصلاة ، فلتكرارها في الصلاة في كل ركعة ، ولاشتمالها على الثناء على الله سميت في نص القرآن السبع المثاني (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) وهذا من عطف العام على الخاص ،ويدخل فيه سورة الفاتحة.
فهي سبع آيات من القرآن ، وهي داخلة في قوله تعالى : (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) وهي أفضل القرآن.
فهذا بان من النبي (صلى الله عليه و سلم) لفضل الفاتحة ، ولمكانتها عند الله جل شأنه ، مع كونها كلام الله ، وكلام الله خير الكلام، وفضل كلام الله على كلام البشر كفضل الله على عباده ، وشتان ما بين الله ولبن عباده فالفرق شاسع.
وكذلكم الفضل واسع ولا يقدر قدره إلا الله ، كما يقدر قدر الله إلا الله فلا يقدر قدر كلامه إلا هو ، ولا يقدر قدر الفاتحة خاصة الا الي تكلم بها وانزلها على رسوله صلى الله عليه وسلم .
فهذا من فضائل الفتحة التى بينها الرسول صلى الله عليه وسلم كما بين فضلها الله سبحانه فى الحديث القدسي الذي ذكرناها .
ومما جاء فى فضل الفاتحة والانتفاع بها الرقية لها حتى ولو كان من رقي بها كافرا فقد ثبت فى حديث البخاري ان سرية من سرايا النبي صلى الله عليه وسلم ارسلها الرسول صلى الله عليه وسلم فى مهمة فنزلت فى طريقها على قوم من الكفار عتاة فاستضافوهم فأبى اولئك الكفار ان يضيقوا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بينهم وبين أولئك الصحابة من العداوة والبغضاء وما فى قلب الانسان يظهر فى اعماله وعلى جوارحه وفى فلتات لسانه .
فهؤلاء قابلوا استضافة الصحابة رضى الله عنهم بالتنكر لهم فذهب عنهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وجزاء لهم على موقفهم السيء من الصحابة رضوان الله عليهم وعقوبة لهم سلط الله على سيدهم حشرة لدغته فطلبوا له العلاج بكل ما يستطيعون فلم يفلحوا ، واضطروا الى ان يذهبوا الى صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منزلهم الذي نزلوا فيه لستعينوا بهم على علاج لديغهم وقالوا لهم القصة انهم طلبوا له العلاج بكل شيء لا ينفعة شيء فهل عندكم من علاج ؟ فقال ابو سعيد الخدري وهو تقريبا اصغرهم سنا لكنه يحفظ الكثير من القرآن قال : والله ان عندى له علاجا ، ولكني لست بفاعل حتى تجعلوا لنا جعلا انا استضفناكم فلم تضيفونا ، فجعلوا لهم جعلا على ان ياتى ابو سعيد اليه ليقوم بعلاجه ، والشفاء بيد الله لا بيد ابى سعيد الخدري وذهب معهم الى الليدغ وقرأ عليه سورة الفاتحة مرة واحدة فقام كانما هو جمل نشط من عقال كانما هو جمل حل عقالة والجمل معروف عند العرب بانه قوى فاذا حل عقاله وكان امامه اقوى رجل دفعه بصدره فوقع على ظهره وليس به بأس كانه لم يلدغ فاعطوهم الجعل وكان قطيعا من الغنم وكان يكفى الصحابة اعداد قليلة من الغنم ولو انهم كانوا قد اضافوهم اول الامر لكن رزقهم الله هذا الرزق الواسع ثم ارتابوا وقالوا فما بينهم فقد يكون هذا كسبا غير حلال والصحابة رضوان الله عليهم عرف فيهم التحرى لكسب الحلال وعرف فيهم الصلاح وتقوى الله سبحانه وتعالى فقالوا لا نأكل حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فلما رجعوا سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم فقال لابى سعيد " ما يدريك انها رقيو " ؟ فقال شيء القاه الله فى ورعي والورع القلب والورع بالفتح الخوف .
فإبراهيم لما جاءته الملائكة أوجس خيفة منهم آخذه روع وآخذته المخافة ثم ذهب عنه الروع لما عرف حقيقة الامر
القصد ان الروع الخوف والروع هو القلب فقال ابو سعيد هذا شيء القاه الله فى روعى وهذا مثل مثل ما يلقى فى قلب بعض الطيبين بان فلانا سوف ياتى من السفر هذا مجرد احساس باطنى لا يفيد اليقين لكنه يدفع الإنسان إلى ان يتحدث عما جال فى خاطره وان كان لا يسمى علما لكنه هواجس وخواطر تجول فى صدره ولا يسمى علم الغيب ,
فالرسول صلى الله عليه وسلم قال لهم جوابا عن سؤالهم هل هذا من الكسب الحلال او الكسب الحرام ؟ قال : " ان الحق ما اخذتم عليه اجرا كتاب الله " يريد بهذا ان العلاج قد يكون بالكي ، وقد يكون بسحب السم من اللديغ من المكان الذي لدغ فيه .
وكيف يسحب السم منه يشرط جلده فيخرج الدم او يمتص طبيا وقد يكون برقية وقد يكون بدعوة له وهناك انواع كثيرة للعلاج منها الرقية بقراءة القرآن التى ترتب عليها الشفاء وصاحبها احق بالاجر من الشخص الذى يعالج علاجا مايا مثل الطبيب او غيره .
فهذا بيان من النبى صلى الله عليه وسلم لمشروعيته الرقية بالفاتحة وهذا بيان لنتيجة الرقية التى بها شفاء هذا وان كان كافرا .
وليس المراد بهذا الحديث ان ياخذ الانسان اجرا على تلاوة القرآن مثل الصييت او ان باخذ اجرا على قراءة القرآن على الاموات فان فان هذا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو معلم البشر وهو المبلغ عن ربه سبحانه وتعالى .
فقراءة القرآن على الاموات رجاء ان يرحمهم الله بدعة من البدع واخذ اجر على تلاوة القرآن ايضا لا يجوز .
والكفار الذين اعطوا الصحابة قطيعا من الغنم لم يعطوهم اياه حبا للقرآن او حبا فيه ، وا وحبا للقارئ ، وللمسلمين وللاسلام ، بل القرآن ابغض اليهم من كل شيء ، والصحابة ابغض اليهم من كل شيء ورسولهم ابغض اليهم من كل شيء ، ومع ذلك دفعوا الاجر فالاجر ليس للتلاوة وانما هو العلاج ولم يدفعوا الاجر الا بعد الشفاء لانهم جعلوه على الشفاء لا على التلاوة .
فالاستدلال بهذه الجملة من الحديث على جواز تلاوة تالقرآن على الاموات رحمه لهم او الاستدلال بها على مجرد تلاوة القرآن واخذ اجر عليه لاستماع الناس اليه لا يجوز ولا يصح وهو من تحريف الكلم عن مواضعه ، وهذا من فوائد هذا الحديث الى جانب الفائدة الجليلة التى بينها النبي صلى الله عليه وسلم بين بها منزلة القر’ن ومكانته من غيره من القربات ومكانة الفاتحة من سائر القرآن ,
هذا بيان لجانب اخر من جوانب فضيلة سورة الفاتحة وذكرت من قبل فضيلتها وانها جعلت فرضا فى كل من ركعات الصلاة بخلاف السورة التى بعدها فانها من سنن الصلاة لو تركها المصلى تكون صلاته صحيحة اما الفاتحة فلو تركها كانت صلاته باطلة .
والقرآن كله خير وفضله على كلام البشر كفضل الله على عبادة واسأل الله جل شأنه ان يبصرنا بديننا وان يجعل القرآن العظيم ربيع قلوبنا وان يجعله لارواحنا دواء وان يجعله مصدر تشريعنا وان يستميل لوينا اليه حتى لا نحكم سواه وسوى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم فان من اخذ بهما اخذ بالحق وكان على بينه وبصيرة من امر دينه مع ربه ومع المخلوقات وكان حبيا لله فى الدنيا والاخرة سعيدا فى دنياه وفى اخرته .
المفتي : عبد الرزاق عفيفي
.............
تعليق