الجرأة في الكذب
في كتاب (لسان آدم) يورد عبدالفتاح كيليطو أبياتا في الحكمة تنسب إلى حواء أم البشر، تقول أمنا الغالية:
وما يغنـي البكاء عـن البواكـي
إذا ما المرء غيب في الضريح
فابـك النفس وانزل عن هـواها
فــلست مخلــدا بـعــد الــذبيــح
إن أعجب فعجب لأولئك المؤرخين، الذين تحملوا جهدا بالغا في النبش في طيات الزمن والتوغل في أعماقه حتى وصلوا إلى آثار أمنا حواء وجمع ما كان لها من نتاج أدبي وحكمة منظومة لننعم نحن أحفادها بالاطلاع على ما قالته أمنا الحصيفة وما نصحت به ذريتها.
ولعل أولئك المؤرخين فعلوا ذلك من باب البر، رأوا في إحياء شعر أمهم حواء براً بها يستحق أن يبذلوا من أجله ما بذلوه من الجهد والعناء، إلا أنهم مع الأسف لم يكملوا جميلهم، حين لم يكشفوا لنا عن اللغة التي وجدوا ذلك الشعر مدونا بها، فبودنا أن نعرف ما اللغة التي كانت أمنا الأولى تقول بها الشعر؟!
ولوجه الحق فإنه ليست أمنا حواء أول من قرض الشعر على وجه هذه البسيطة، فأبونا آدم كان قد سبقها إلى ذلك، بعد أن أثار شجونه مقتل ابنه هابيل على يد أخيه قابيل، فحزن لموته وبكاه بمرارة جاش معها وحي الشعر في صدره فرثاه ببيتين قال فيهما:
تغيرت البلاد ومن عليها
فلون الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي طعم ولون
وقل بشاشة الوجه المليح
فكانت تلك الأبيات الحزينة الباكية، هي الشرارة التي أضرمت في صدر حواء شعلة الشعر، فأخذت تعزي زوجها وتهدئ من روعه بأبياتها الحكيمة الرصينة المذكورة أعلاه.
إن كان ثمة شيء جميل في أسطورة الشعر هذه، فهو كونها تخالف النسق المعتاد في نسبة الجزع والحزن إلى المرأة، ونسبة رباطة الجأش وتحكيم العقل إلى الرجل. المرأة هنا ممثلة بحواء، تبدو قوية متماسكة تحث الزوج آدم على الرضا بقضاء الله والصبر على المصيبة، بينما الرجل الممثل بآدم يتفطر أسى وجزعا على ما أصابه.
لا أدري كيف حدث هذا الاستبدال؟!! ولعلها رمية من غير رام.
في كتاب (لسان آدم) يورد عبدالفتاح كيليطو أبياتا في الحكمة تنسب إلى حواء أم البشر، تقول أمنا الغالية:
وما يغنـي البكاء عـن البواكـي
إذا ما المرء غيب في الضريح
فابـك النفس وانزل عن هـواها
فــلست مخلــدا بـعــد الــذبيــح
إن أعجب فعجب لأولئك المؤرخين، الذين تحملوا جهدا بالغا في النبش في طيات الزمن والتوغل في أعماقه حتى وصلوا إلى آثار أمنا حواء وجمع ما كان لها من نتاج أدبي وحكمة منظومة لننعم نحن أحفادها بالاطلاع على ما قالته أمنا الحصيفة وما نصحت به ذريتها.
ولعل أولئك المؤرخين فعلوا ذلك من باب البر، رأوا في إحياء شعر أمهم حواء براً بها يستحق أن يبذلوا من أجله ما بذلوه من الجهد والعناء، إلا أنهم مع الأسف لم يكملوا جميلهم، حين لم يكشفوا لنا عن اللغة التي وجدوا ذلك الشعر مدونا بها، فبودنا أن نعرف ما اللغة التي كانت أمنا الأولى تقول بها الشعر؟!
ولوجه الحق فإنه ليست أمنا حواء أول من قرض الشعر على وجه هذه البسيطة، فأبونا آدم كان قد سبقها إلى ذلك، بعد أن أثار شجونه مقتل ابنه هابيل على يد أخيه قابيل، فحزن لموته وبكاه بمرارة جاش معها وحي الشعر في صدره فرثاه ببيتين قال فيهما:
تغيرت البلاد ومن عليها
فلون الأرض مغبر قبيح
تغير كل ذي طعم ولون
وقل بشاشة الوجه المليح
فكانت تلك الأبيات الحزينة الباكية، هي الشرارة التي أضرمت في صدر حواء شعلة الشعر، فأخذت تعزي زوجها وتهدئ من روعه بأبياتها الحكيمة الرصينة المذكورة أعلاه.
إن كان ثمة شيء جميل في أسطورة الشعر هذه، فهو كونها تخالف النسق المعتاد في نسبة الجزع والحزن إلى المرأة، ونسبة رباطة الجأش وتحكيم العقل إلى الرجل. المرأة هنا ممثلة بحواء، تبدو قوية متماسكة تحث الزوج آدم على الرضا بقضاء الله والصبر على المصيبة، بينما الرجل الممثل بآدم يتفطر أسى وجزعا على ما أصابه.
لا أدري كيف حدث هذا الاستبدال؟!! ولعلها رمية من غير رام.
تعليق