تدمر.. مملكة زنوبيا الخالدة
مملكة تدمر (Palmyra) أهم الممالك العربية، تقع عاصمتها في مدينة تدمر في وسط الجمهورية العربية السورية 215 كم شمال مدينة دمشق وحوالي 160 كم عن مدينة حمص ونهر العاصي، موقعها الجغرافي المتوسط جعلها سيدة التجارة بين بلاد الرافدين والبحر المتوسط.
الطريق من دمشق إلى تدمر
مازالت تدمر عروس البادية، ومازالت آثارها من أكثر المواقع الأثرية شهرة في العالم، وصلت أوج ازدهارها في عصر زنوبيا، وكانت محطة أساسية لقوافل الشرق والغرب، ونالت من روما مكانة رفيعة، فقد اعترف هادريان باستقلالها المحدود وأطلق عليها اسم هادريانا، ثم حصلت على تسمية المستعمرة في عصر الآسرة السيفيرية السورية التي حكمت روما 211-235م.
وصف المدينة:
تتوزع الأطلال فيها على مساحة تتجاوز الـ 10 كم2، يحيط بها سور دفاعي من الحجر المنحوت، وسور للجمارك من الحجر واللبن، وتتوزع بيوتها حسب المخطط الشطرنجي..
تتألف مدينة تدمر، من شارع طويل دوكومانوس وشارع معترض الكاردو وعند تقاطعهما تقام آبدة تسمى التترابيل مؤلفة من أربع مجموعات من الأعمدة تحمل طنفاً. والشارع الطويل يمتد من المدخل الرئيسي لمعبد بل حتى بوابة دمشق وهو محاط بأروقة وفي قسمه الأول يميل حتى بوابة النصر، وإلى الجنوب يقع معبد نبو ثم المسرح. وإلى الشمال معبد بعلشمين، وإلى أقصى الجنوب الأغورا تم الشارع العرضاني وخلفه معسكرات ديوكلسيان والمدافن.
أهم معالمها المعابد، منها معبد الإله بل وبعلشمين ونبو واللات وارصو ومناة بعل – معناه الرب أو السيد – ثم الشارع الطويل وقوس النصر والتترابيل والحمامات ومجلس الشيوخ والمصلبة، والسوق العامة، ووادي القبور و قلعة فخر الدين المعني.
وبيوتها الشرقية الطراز ذات الحدائق والأروقة ومئات المدافن؛ مدافن الأبراج ومدافن البيوت
الأرضية والأقبية، والنبع الكبريتي
.
تاريخ تـدمــر:
دلت الحفريات على أنها سكنت منذ العصر الحجري القديم ( الباليوليتيك )، وسكنها الكنعانيون والعموريون حيث ورد اسمها في وثائق ماري القرن 18 ق.م وفي وثائق ايمار القرن 14 ق.م، ثم الآراميون الذين أعطوها اسمها (ܬܕܡܪܬܐ ، “تدمرتا” أي: المعجزة). كانت منذ القرن الرابع ق.م زاهرة، لكنها أصبحت إمارة عربية في القرن الثاني ق.م وكانت عاصمة التجارة الدولية بين الشرق والغرب، حكمتها أسرة عربية من أشهر ملوكها أذينة الأول وحيران وأذينة الثاني زوج زنوبيا ووالد وهب اللات، يساعدهم مجلس الشيوخ والشعب، ووصلت حينها أوج ازدهارها.
ثم خضعت للرومان في القرن الأول الميلادي وسموها بالميرا نسبة للنخيل الموجود فيها، ثم فتحها العرب المسلمون على يد خالد بن الوليد في عام 633م.
لها أبجدية تتألف من 22 حرفاً تكتب وتقرأ من اليمين إلى اليسار.
كانت الطبيعة السكانية لمملكة تدمر مقسمة إلى طبقات هي:
النبلاء والكهنة والمواطنين
أحرار، عبيد، أجانب.
المواطنون هم أبناء العشائر، وكان بعض هذه العشائر أحلاف، والعبيد هم عبيد السادة وخدمهم، والأجانب هم التجار والوافدون إلى المملكة المزدهرة تجارياً بقصد العمل أو التجارة.
ازدهار تدمر التجاري والزراعي والعمراني:
برع التدمريون بالفن والعمارة وتخطيط المدن، بالأدب والفلسفة، بالحرب والسلم؛ وعرفوا كيف يطورون معرفتهم وخبراتهم لتتسع ثقافتهم المحلية إلى الإقليمية فالعالمية، لتصل إشعاعاتها من مشرق الدنيا إلى مغربها، تاركة لنا كنوزاً في السياسة والدين والاقتصاد والفن، في مدينة هي نموذج للفروسية والحرب والاستقلال، للفلسفة والفكر والتجدد..
زراعيـاً: كما اعتنوا بالزراعة – واحة تدمر الغناء يزرع فيها كافة أنواع المزروعات وأهمها النخيل – ونظموا الأقنية المتطورة للري وأقاموا السدود لحجز وجمع المياه وتنظيم توزيعها وفق نظام وترتيب متطور خاص، وحفروا الآبار للشرب والري وشيدوا الأحواض والخزانات. أما في العصر الحديث فأغلبية السكان يعملون في السياحة.
تجاريـاً: كانت تدمر واحدة من أهم المدن التجارية وأكثرها ازدهاراً، لها معاملاتها مع كافة الحضارات المعاصرة لها في الشرق والغرب، وقد كانت القوافل الواردة إليها والمنطلقة منها لاتتوقف ليل نهار، فقد كان التدمريون شعباً تجارياً بحتاً له سمعته التجارية كأهم الشعوب في مجال التجارة، وكانت مراسلات التجار ومكاتباتهم التجارية تتم باللغة الآرامية (اللهجة التدمرية) لتعاملاتهم وتجارتهم مع الشرق، وباللغة الرسمية باللاتينية في تعاملاتهم مع الغرب (في زمن الرومان) والإمبراطورية الرومانية.
وقد عثر على ألواح القانون التدمري التجاري التي تعود إلى عام 137م، قياس اللوحة 480×175سم مكتوبة باليونانية والتدمرية وتتضمن قوانين التجارة والمكوس المفروضة، ومازالت هذه الألواح محفوظة في متحف الأرميتاج في سان بطرسبورغ منذ عام 1881.
سياسيـاً: ازدهرت تدمر بشكل خاص في عهد الملكة زنوبيا القوية – أهم ملكات الشرق وأكثرهم قوة لذلك أطلق عليها ملكة ملكات الشرق – وأصبحت مدينة تدمر عاصمة المملكة أهم مدن الشرق، نافست روما وسيطرت على المنطقة، من حدود آسيا الصغرى في الشمال إلى مصر في الجنوب، ومن شمال شرق سوريا إلى غرب سوريا والبحر المتوسط.
دينيـاً: اهتم التدمريون كذلك بالدين والعبادة والآلهة، كان لهم شغف كبير ببناء المعابد ودور العبادة والعناية بالقبور بشكل كبير وواضح، وكانت آلهتهم ومعبوداتهم كثيرة العدد، تقارب الثلاثين، على رأسها المعبود الأعلى بل – الإله بل التدمري – الذي يظهر في المنحوتات التدمرية بشكل كبير، فأكثر الآلهة التدمرية تصور معه حسب المناسبات، لكنه أكثر ما يمثل مع قرينته بلتى ويرحبول، حيث كان الثلاثي (بل-يرحبول-أغلبول) يتمتع بأكثر شعبية في مملكة تدمر.
عمرانيـاً: عاصمة مملكة تدمر من أجمل المدن وأكثرها تطوراً بمبانيها الفخمة وشوارعها وتنظيمها، كانت تحمل طابع المدن الإغريقية الرومانية بأبنيتها الملكية ومساكن الإدارة وطراز الأبنية العامة والخاصة التي تتميز بالفخامة، فقد كانت أغنى المدن وأكثرها ثراء وعظمة.. أهم آثارها: الشارع الأعظم المحفوف بالأعمدة ويمتد لمسافة عدة كيلومترات – المسرح الأثري- السوق التاريخي – الآغورا – البوابة الكبرى المعروفة بقوس النصر – معبد بعلشمين- وادي القبور – المدافن البرجية – التيترابيل – قلعة فخر الدين المعني – نبع افقا الأثري – هيكل حوريات الماء – مجلس الشيوخ – الحمامات – معسكر ديوكليتيان – أسوار تدمر. بالإضافة إلى المئات من المنحوتات والتماثيل والأواني والمدافن الأثرية الضخمة والمباني الإدارية وغيرها.
نهاية عصر زنوبيا:
كانت مدينة تدمر محطة تجارية في غاية الأهمية بين آسيا وأوروبا، حيث قامت وسط منطقة البادية السورية بجانب مدينة السخنة بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط، ازدهرت في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد في عهد الملك أذينة (أوديناثوس) الذي كان موالياً للرومان واستعاد لها الأراضي التي فقدتها من الفرس، بعد اغتيال أذينة تولت زوجته زنوبيا الحكم وكانت تطمح إلى توسيع نفوذ مملكة تدمر إلى آسيا الصغرى ومصر، إلا أن طموحاتها انتهت في حربها مع الإمبراطور الروماني أورليان الذي احتل تدمر عام 272 ودمرها، وساق زنوبيا أسيرة إلى روما.
ويوجد في مدينة تدمر متحفان هما:
- متحف تدمر للآثار: يتكون من طابقين يضمان كثيراً من الآثار والمكتشفات، وفيه عدة اقسام للآثار القديمة والتماثيل والمنحوتات، والعديد من المكتشفات والأدوات والأواني والمعدات، إضافة إلى جناح للمومياءات والكثير من الكنوز الأثرية.
- متحف التقاليد الشعبية التدمرية: ويضم اقسام عن التقاليد الشعبية في تدمر والبادية وكل ما يتعلق بها من الحياة والتنقل وغيرها.
هيكل حوريات الماء: عبارة عن حوض لمياه السقاية له واجهة مزخرفة تتقدمها قوس ورواق من أربعة أعمدة كورنثية ( القرن 2م ).
هيكل حوريات الماء إلى اليسار بجانب الأعمدة الأربعة
معـبد بــل: يعتبر معبد بل من أكبر وأشهر المعابد الدينية في الشرق القديم، أنشئ لعبادة الإله بل ( بعل ) كبير آلهة تدمر وبابل، فمنذ القرن الأول الميلادي بني بناؤه الأساسي على جزء من الأرض فوق تلة صناعية على أنقاض معبدين يعود أحدهما للقرن الرابع قبل الميلاد والثاني للألف الثانية قبل الميلاد، وظل يتوسع حتى أواخر عهد تدمر لآهميته، إلى أن أصبح بمقاييس ضخمة ساحة مربعة (220 × 205 م) يتوسطها الحرم سيلا المخصص للكهنة الذي كان يحوي أبراجاً أربعة وفي داخله بيت الصنم – طرازه كلاسيكي صرف – وله بوابة بروبيله وحوله رواق محمول على أعمدة ذات تيجان كورنثية، سقف الرواق بلاطات حجرية ذات نقوش مختلفة. أما الساحة فيحيطها رواق معمد، وتيجان أعمدته كورنثية أيضاً وليس له أبراج، أحيطت جدرانه ب375 عموداَ طول الواحد منها أكثر من 18 م، وهو من الضخامة بحيث لا يوازيه أي معبد آخر في الشرق، ولا يزال قائماًَ من أعمدته سبعة في الواجهة الرئيسية وعدد آخر في محيط المعبد.
داخل حرم المعبد
زخرفة أسقف المعبد
المدافن: أبرز ما يميز فن العمارة التدمري لفخامتها وجمال تصميمها، فهي أقرب ما تكون لغرف استقبال تجلس فيها تماثيل حجرية، وهي ثلاثة أنواع: القبور البرجية وتتألف من ثلاثة أو أربعة طوابق تتسع لمئات القبور الجدارية كولومباريوم مغطاة بلوح عليه نقش المتوفى بشكل بارز، من أهمها مدفن ايلابل ومدفن يمليكو. ثم القبور المنزلية سميت كذلك لأنها تشبه البيت وتتألف من باحة مربعة محاطة بالأروقة ذات الأعمدة، حفرت في جدرانها تجاويف مزدانة بالزخارف. النوع الثالث هو قبور الأقبية أو القبور الأرضية وهي الأوفر والأغنى بالنقوش والزخارف، يتم الهبوط إليها بسلم حجري، وكانت أبواب التوابيت فيها تسد بتمثال للميت، أهم هذه القبور المكتشفة مدفن الأخوان الثلاثة الذي يتميز بالصور الجدارية الملونة فريسك التي تملأ جدرانه وعضائده ملونة بالأحمر والبني والأزرق والأسود، وأيضاً مدفن يرحاي الذي نقل إلى المتحف الوطني بدمشق.
المدافن الأرضية
مملكة تدمر (Palmyra) أهم الممالك العربية، تقع عاصمتها في مدينة تدمر في وسط الجمهورية العربية السورية 215 كم شمال مدينة دمشق وحوالي 160 كم عن مدينة حمص ونهر العاصي، موقعها الجغرافي المتوسط جعلها سيدة التجارة بين بلاد الرافدين والبحر المتوسط.
الطريق من دمشق إلى تدمر
مازالت تدمر عروس البادية، ومازالت آثارها من أكثر المواقع الأثرية شهرة في العالم، وصلت أوج ازدهارها في عصر زنوبيا، وكانت محطة أساسية لقوافل الشرق والغرب، ونالت من روما مكانة رفيعة، فقد اعترف هادريان باستقلالها المحدود وأطلق عليها اسم هادريانا، ثم حصلت على تسمية المستعمرة في عصر الآسرة السيفيرية السورية التي حكمت روما 211-235م.
وصف المدينة:
تتوزع الأطلال فيها على مساحة تتجاوز الـ 10 كم2، يحيط بها سور دفاعي من الحجر المنحوت، وسور للجمارك من الحجر واللبن، وتتوزع بيوتها حسب المخطط الشطرنجي..
تتألف مدينة تدمر، من شارع طويل دوكومانوس وشارع معترض الكاردو وعند تقاطعهما تقام آبدة تسمى التترابيل مؤلفة من أربع مجموعات من الأعمدة تحمل طنفاً. والشارع الطويل يمتد من المدخل الرئيسي لمعبد بل حتى بوابة دمشق وهو محاط بأروقة وفي قسمه الأول يميل حتى بوابة النصر، وإلى الجنوب يقع معبد نبو ثم المسرح. وإلى الشمال معبد بعلشمين، وإلى أقصى الجنوب الأغورا تم الشارع العرضاني وخلفه معسكرات ديوكلسيان والمدافن.
أهم معالمها المعابد، منها معبد الإله بل وبعلشمين ونبو واللات وارصو ومناة بعل – معناه الرب أو السيد – ثم الشارع الطويل وقوس النصر والتترابيل والحمامات ومجلس الشيوخ والمصلبة، والسوق العامة، ووادي القبور و قلعة فخر الدين المعني.
وبيوتها الشرقية الطراز ذات الحدائق والأروقة ومئات المدافن؛ مدافن الأبراج ومدافن البيوت
الأرضية والأقبية، والنبع الكبريتي
.
تاريخ تـدمــر:
دلت الحفريات على أنها سكنت منذ العصر الحجري القديم ( الباليوليتيك )، وسكنها الكنعانيون والعموريون حيث ورد اسمها في وثائق ماري القرن 18 ق.م وفي وثائق ايمار القرن 14 ق.م، ثم الآراميون الذين أعطوها اسمها (ܬܕܡܪܬܐ ، “تدمرتا” أي: المعجزة). كانت منذ القرن الرابع ق.م زاهرة، لكنها أصبحت إمارة عربية في القرن الثاني ق.م وكانت عاصمة التجارة الدولية بين الشرق والغرب، حكمتها أسرة عربية من أشهر ملوكها أذينة الأول وحيران وأذينة الثاني زوج زنوبيا ووالد وهب اللات، يساعدهم مجلس الشيوخ والشعب، ووصلت حينها أوج ازدهارها.
ثم خضعت للرومان في القرن الأول الميلادي وسموها بالميرا نسبة للنخيل الموجود فيها، ثم فتحها العرب المسلمون على يد خالد بن الوليد في عام 633م.
لها أبجدية تتألف من 22 حرفاً تكتب وتقرأ من اليمين إلى اليسار.
كانت الطبيعة السكانية لمملكة تدمر مقسمة إلى طبقات هي:
النبلاء والكهنة والمواطنين
أحرار، عبيد، أجانب.
المواطنون هم أبناء العشائر، وكان بعض هذه العشائر أحلاف، والعبيد هم عبيد السادة وخدمهم، والأجانب هم التجار والوافدون إلى المملكة المزدهرة تجارياً بقصد العمل أو التجارة.
ازدهار تدمر التجاري والزراعي والعمراني:
برع التدمريون بالفن والعمارة وتخطيط المدن، بالأدب والفلسفة، بالحرب والسلم؛ وعرفوا كيف يطورون معرفتهم وخبراتهم لتتسع ثقافتهم المحلية إلى الإقليمية فالعالمية، لتصل إشعاعاتها من مشرق الدنيا إلى مغربها، تاركة لنا كنوزاً في السياسة والدين والاقتصاد والفن، في مدينة هي نموذج للفروسية والحرب والاستقلال، للفلسفة والفكر والتجدد..
زراعيـاً: كما اعتنوا بالزراعة – واحة تدمر الغناء يزرع فيها كافة أنواع المزروعات وأهمها النخيل – ونظموا الأقنية المتطورة للري وأقاموا السدود لحجز وجمع المياه وتنظيم توزيعها وفق نظام وترتيب متطور خاص، وحفروا الآبار للشرب والري وشيدوا الأحواض والخزانات. أما في العصر الحديث فأغلبية السكان يعملون في السياحة.
تجاريـاً: كانت تدمر واحدة من أهم المدن التجارية وأكثرها ازدهاراً، لها معاملاتها مع كافة الحضارات المعاصرة لها في الشرق والغرب، وقد كانت القوافل الواردة إليها والمنطلقة منها لاتتوقف ليل نهار، فقد كان التدمريون شعباً تجارياً بحتاً له سمعته التجارية كأهم الشعوب في مجال التجارة، وكانت مراسلات التجار ومكاتباتهم التجارية تتم باللغة الآرامية (اللهجة التدمرية) لتعاملاتهم وتجارتهم مع الشرق، وباللغة الرسمية باللاتينية في تعاملاتهم مع الغرب (في زمن الرومان) والإمبراطورية الرومانية.
وقد عثر على ألواح القانون التدمري التجاري التي تعود إلى عام 137م، قياس اللوحة 480×175سم مكتوبة باليونانية والتدمرية وتتضمن قوانين التجارة والمكوس المفروضة، ومازالت هذه الألواح محفوظة في متحف الأرميتاج في سان بطرسبورغ منذ عام 1881.
سياسيـاً: ازدهرت تدمر بشكل خاص في عهد الملكة زنوبيا القوية – أهم ملكات الشرق وأكثرهم قوة لذلك أطلق عليها ملكة ملكات الشرق – وأصبحت مدينة تدمر عاصمة المملكة أهم مدن الشرق، نافست روما وسيطرت على المنطقة، من حدود آسيا الصغرى في الشمال إلى مصر في الجنوب، ومن شمال شرق سوريا إلى غرب سوريا والبحر المتوسط.
دينيـاً: اهتم التدمريون كذلك بالدين والعبادة والآلهة، كان لهم شغف كبير ببناء المعابد ودور العبادة والعناية بالقبور بشكل كبير وواضح، وكانت آلهتهم ومعبوداتهم كثيرة العدد، تقارب الثلاثين، على رأسها المعبود الأعلى بل – الإله بل التدمري – الذي يظهر في المنحوتات التدمرية بشكل كبير، فأكثر الآلهة التدمرية تصور معه حسب المناسبات، لكنه أكثر ما يمثل مع قرينته بلتى ويرحبول، حيث كان الثلاثي (بل-يرحبول-أغلبول) يتمتع بأكثر شعبية في مملكة تدمر.
عمرانيـاً: عاصمة مملكة تدمر من أجمل المدن وأكثرها تطوراً بمبانيها الفخمة وشوارعها وتنظيمها، كانت تحمل طابع المدن الإغريقية الرومانية بأبنيتها الملكية ومساكن الإدارة وطراز الأبنية العامة والخاصة التي تتميز بالفخامة، فقد كانت أغنى المدن وأكثرها ثراء وعظمة.. أهم آثارها: الشارع الأعظم المحفوف بالأعمدة ويمتد لمسافة عدة كيلومترات – المسرح الأثري- السوق التاريخي – الآغورا – البوابة الكبرى المعروفة بقوس النصر – معبد بعلشمين- وادي القبور – المدافن البرجية – التيترابيل – قلعة فخر الدين المعني – نبع افقا الأثري – هيكل حوريات الماء – مجلس الشيوخ – الحمامات – معسكر ديوكليتيان – أسوار تدمر. بالإضافة إلى المئات من المنحوتات والتماثيل والأواني والمدافن الأثرية الضخمة والمباني الإدارية وغيرها.
نهاية عصر زنوبيا:
كانت مدينة تدمر محطة تجارية في غاية الأهمية بين آسيا وأوروبا، حيث قامت وسط منطقة البادية السورية بجانب مدينة السخنة بين نهر الفرات والبحر الأبيض المتوسط، ازدهرت في النصف الثاني من القرن الأول قبل الميلاد في عهد الملك أذينة (أوديناثوس) الذي كان موالياً للرومان واستعاد لها الأراضي التي فقدتها من الفرس، بعد اغتيال أذينة تولت زوجته زنوبيا الحكم وكانت تطمح إلى توسيع نفوذ مملكة تدمر إلى آسيا الصغرى ومصر، إلا أن طموحاتها انتهت في حربها مع الإمبراطور الروماني أورليان الذي احتل تدمر عام 272 ودمرها، وساق زنوبيا أسيرة إلى روما.
ويوجد في مدينة تدمر متحفان هما:
- متحف تدمر للآثار: يتكون من طابقين يضمان كثيراً من الآثار والمكتشفات، وفيه عدة اقسام للآثار القديمة والتماثيل والمنحوتات، والعديد من المكتشفات والأدوات والأواني والمعدات، إضافة إلى جناح للمومياءات والكثير من الكنوز الأثرية.
- متحف التقاليد الشعبية التدمرية: ويضم اقسام عن التقاليد الشعبية في تدمر والبادية وكل ما يتعلق بها من الحياة والتنقل وغيرها.
هيكل حوريات الماء: عبارة عن حوض لمياه السقاية له واجهة مزخرفة تتقدمها قوس ورواق من أربعة أعمدة كورنثية ( القرن 2م ).
هيكل حوريات الماء إلى اليسار بجانب الأعمدة الأربعة
معـبد بــل: يعتبر معبد بل من أكبر وأشهر المعابد الدينية في الشرق القديم، أنشئ لعبادة الإله بل ( بعل ) كبير آلهة تدمر وبابل، فمنذ القرن الأول الميلادي بني بناؤه الأساسي على جزء من الأرض فوق تلة صناعية على أنقاض معبدين يعود أحدهما للقرن الرابع قبل الميلاد والثاني للألف الثانية قبل الميلاد، وظل يتوسع حتى أواخر عهد تدمر لآهميته، إلى أن أصبح بمقاييس ضخمة ساحة مربعة (220 × 205 م) يتوسطها الحرم سيلا المخصص للكهنة الذي كان يحوي أبراجاً أربعة وفي داخله بيت الصنم – طرازه كلاسيكي صرف – وله بوابة بروبيله وحوله رواق محمول على أعمدة ذات تيجان كورنثية، سقف الرواق بلاطات حجرية ذات نقوش مختلفة. أما الساحة فيحيطها رواق معمد، وتيجان أعمدته كورنثية أيضاً وليس له أبراج، أحيطت جدرانه ب375 عموداَ طول الواحد منها أكثر من 18 م، وهو من الضخامة بحيث لا يوازيه أي معبد آخر في الشرق، ولا يزال قائماًَ من أعمدته سبعة في الواجهة الرئيسية وعدد آخر في محيط المعبد.
داخل حرم المعبد
زخرفة أسقف المعبد
المدافن: أبرز ما يميز فن العمارة التدمري لفخامتها وجمال تصميمها، فهي أقرب ما تكون لغرف استقبال تجلس فيها تماثيل حجرية، وهي ثلاثة أنواع: القبور البرجية وتتألف من ثلاثة أو أربعة طوابق تتسع لمئات القبور الجدارية كولومباريوم مغطاة بلوح عليه نقش المتوفى بشكل بارز، من أهمها مدفن ايلابل ومدفن يمليكو. ثم القبور المنزلية سميت كذلك لأنها تشبه البيت وتتألف من باحة مربعة محاطة بالأروقة ذات الأعمدة، حفرت في جدرانها تجاويف مزدانة بالزخارف. النوع الثالث هو قبور الأقبية أو القبور الأرضية وهي الأوفر والأغنى بالنقوش والزخارف، يتم الهبوط إليها بسلم حجري، وكانت أبواب التوابيت فيها تسد بتمثال للميت، أهم هذه القبور المكتشفة مدفن الأخوان الثلاثة الذي يتميز بالصور الجدارية الملونة فريسك التي تملأ جدرانه وعضائده ملونة بالأحمر والبني والأزرق والأسود، وأيضاً مدفن يرحاي الذي نقل إلى المتحف الوطني بدمشق.
المدافن الأرضية
منظر جانبي لسرير جنائزي
المسرح الأثري: بني مطلع القرن الثاني الميلادي على طراز المسارح الرومانية، شكله نصف دائري ويتألف من منصة ومدرج، كان يستخدم للمناسبات العامة وصراع الوحوش.. المدرج لم يبق منه إلا 13 صفاً، ويدل عدم وجود أساسات لمقاعده بعد الصف الثاني عشر إلى أن الطوابق العلوية كانت مصنوعة من خشب، كما يوجد رواق ضيق يحجب منظر الشارع الرئيسي. بين المنصة والمدرج صحن قطره 20 م مبلط بألواح حجرية ينفتح من الجانبين يفصله عن المدرج حاجز حجري، وخلف المدرج مجلس الشيوخ والفوروم.
واجهة المسرح تعود إلى نهاية القرن الثاني أو بداية القرن الثالث، ولم تكن معدة لمشاهد الجموع، ولا تضم غرفاً مخصصة للممثلين، طولها 26.45 م، وأبعادها تماثل تقريباً مسرح بصرى مع فرق بعدة سنتيمترات، مؤلفة من ثلاث حنيات معمدة، وللمسرح خمس فتحات للأبواب بدلاً من ثلاث كما هي العادة، وينفتح الباب المركزي نحو الداخل بمحور نصف دائري.
الميدان – السوق ( الآغورا ): قريباً من المسرح وفي الحي الأكثر حيوية من المدينة توجد الآغورا . إنها المكان الذي تعقد فيه الاجتماعات العامة، تعود إلى الجزء الأول من القرن الثاني، وهي عبارة عن حيز واسع مستطيل أبعاده 71 × 48م، تظللها أربعة أروقة مزودة بأعمدة وبإحدى عشر باباً لتسهيل عملية الدخول، كانت الجدران مزينة بنوافذ في الجبهات الغنية بالزخارف، كما تضم بحرتين صغيرتين تتمركزان في الزاويتين الشرقية والشمالية ، يغذيهما نبع مياه عذبة.
كانت تحمل الموائد المتصلة بالأعمدة وبالجدران أكثر من مئتي تمثال تكريماً لأصحاب المقام المحليين، تمثل محاربي وموظفي روما وحكام وتجار تدمر في القرن الثاني الميلادي.
معبد بعلشمين: يقع في الحي الشمالي ويعود إلى القرن الثاني الميلادي، بقي من آثاره غرفة المائدة وبعض الأروقة ومدفن قديم، تتألف أطلاله من حرم ومن باحتين محاطتين بأروقة، وداخل الحرم محراب رائع أعيد بناؤه مؤخراً.. وبعلشمين سيد السموات هو سيد العالم والخالد، وكان يمثل بثياب حربية.
معبد نبو: عاصر كما تدل الأثريات معبد بل وكرس لعبادة الإله البابلي ( نبوبن مردوخ ) وكان هو كاتب الآلهة وأمينها، يقع المعبد غرب قوس الشارع الطويل وقوس النصر، أبعاده 20×9م، لم يبق منه سوى أجزاء من الأعمدة، ويبدو أن رواقاُ كان يحيط بحرم المعبد دون أعمدة.
التترابيل: التترابيل أو ساحة المصلبة في الشارع المستقيم في تدمر، وتتألف من مصطبة تحمل أربعة قواعد يعلوها أعمدة من الغرانيت، أنشأت لإخفاء تقوس القسم الغربي من الشارع الكبير بنسبة 10 درجات.
مجلس الشيوخ ( الفوروم ): هو مكان لعقد الاجتماعات العامة والمبادلات التجارية محاط بأروقة داخلية لها أعمدة على الطراز الأيوني، وقد عثر على كتابة محاطة بأعمدة ذات قواعد تشير إلى السماح بإقامة تماثيل لمشاهير المدينة على الأعمدة.
قلعة فخر الدين المعني: تتميز بإطلالتها على آثار مدينة تدمر – من ارتفاع 50م – وبالمشهد الرائع الذي يلوح عندما تغيب الشمس على الأطلال والجبال.. نسبت القلعة لفترة طويلة من الزمن للأمير فخر الدين المعني ( 1590 – 1635 ) الذي مد نفوذه في بداية القرن السابع عشر خلف جبل لبنان، باتجاه الصحراء السورية في الشرق، وانتهى به الأمر أن تم أسره من قبل العثمانيين عام 163 5 وبقي سجيناً بالقسطنطينية حتى إعدامه في العام نفسه.
تتألف القلعة من حصون صغيرة نسبياً متوضعة بشكل دائري، ومن أسوار وسبع أبراج محاطة بخندق عميق، تجمعت في أسفل منحدره واتحدت بقايا إنشاء كبير لتؤلف مشهداً جميلاً للناظر، ويتم العبور إلى الزاوية الجنوبية الشرقية بواسطة جسر معدني يقود إلى بسطة درج بين برجين. تشبه القلعة من الداخل باقي القلاع العربية من حيث غناها بالغرف والعناصرالدفاعية .فهي مزودة بممر شديد الانحدار يمتد حتى الباحة المركزية المحاطة بجدران. تتمركز في الضلع الجنوبي أعلى نقطة في القلعة، وهي عبارة عن سطح يشرف على الأطلال والجبال الممتدة إلى جانبها.
الشارع المستقيم: ما مازالت قواعد التماثيل قائمة على أعمدته وقد كتب على بعضها أسماء أصحابها، منها عمود مكتوب عليه هذا تمثال سبتيما زنوبيا ملكة تدمر ذات الجلالة والمجد والمبجلة أقامه المبجل سبتيم زبدا القائد الأعلى وزباي قائد حامية تدمر لسيدتهما في عام 582 أي 271م، وعمود آخر يحمل اسم زوجها ملك الملوك المبجل أذينة.
قوس النصر: يعتبر من أهم المنشآت المعمارية في تدمر، بني في القرن الثاني الميلادي لتلطيف انحراف الشارع الطويل بمقادر 30 درجة، وله ثلاثة مداخل وتتبعه أعمدة يبلغ عددها 150 عموداً علو الواحد منها سبعة أمتار.
منظر خلفي للقوس
نبع افقا الأثري: نبع صحي يتدفق من مغائر قديمة تفيض بالبخار الكبريتي وتشعّه دافئا. وتبلغ درجة حرارة المياه 33ْ في الصيف والشتاء. هذه المياه المعدنية كانت منذ عصر زنوبيا وقبلها موئلاً لسكان تدمر الذين وجدوا فيها وسيلة للاستشفاء من كثير من الأمراض الجلدية والمعدية والمفصيلة. وقد عثر على كتابة مؤرخة في عام 162م تتضمن عبارة التقدمة النذرية للإله العظيم زفس سيد الكون من يولدوا ابن زبيدة المتولي المسؤول عن نبع افقا.
وأثبتت التحاليل التي أجريت في باريس أن هذه المياه تحتوي على كمية جيدة من الكبريت والكلورور، وأنها غنية بالصوديوم والكالسيوم وبكميات أقل من المغنزيوم والبوتاسيوم والنيكل.
وعند إنشاء فندق ميريديان في تدمر والذي أصبح أسمه تدمر الشام، تم تحسين موقع النبع لاستقبال زبائن الفندق، كما تم جر مياه النبع إلى أجنحة الفندق المستقلة.
الشارع العرضي
الحمامات: تتألف هذه الحمامات من مدخل كبير مكون من ثلاثة أبواب تشرف على الباحة المعمدة الشمالية الواقعة بالقرب من القوس، تنتصب من الأمام واجهة مزودة بأربع أعمدة من الغرانيت تمت إضافتها مع صفين من القناطر في عصر ديوقلسيان وكانت ترسم حدود باحة خارجية تسمح بالدخول إلى المبنى. تضم الحمامات قاعة وعدة باحات مبلطة تؤدي إلى ثلاث أقسام: القسم البارد – القسم الدافئ – القسم الساخن، وتؤدي إيضاً إلى المراحيض. تبلغ المساحة الكلية للحمامات هي ( 85 × 51 م ) وهي تبدو بسيطة جداً مقارنة مع حمامات ( تراجان ) البالغة مساحتها ( 340 × 330 ) والعائدة إلى النصف الأول من القرن الثاني، لكن مخططها مشابه لمخطط حمامات تدمر.
حمام زنوبيا
أسوار تدمر: يحيط بتدمر سور على شكل سلحفاة طوله 6 كم، يعود إنشاؤه للقرن الأول الميلادي، إلا أنه لم يأخذ شكله النهائي إلا في عهد الملكة زنوبيا في نهاية القرن الثالث، كان يحمي المنطقة الممتدة من نبع أفقا حتى محراب معبد بل ضاماً جزءً كبيراً من الواحة باتجاه الجنوب، ويوجد سور آخر يسمى سور الجمرك، تنتصب بعد بعض أجزاءه في منحدر جبل من طار.
يرتكز السور الدفاعي على أرض ثابتة في القسم الشرقي في المدينة، وعلى الصخر في قسمها الغربي، وقد بني بواسطة كتل كبيرة من الكلس الصلب، وسوي بسماكة 3 م، يُحفظ منها اليوم 2 م، ويكون الجانب المنحوت من السور موجهاً نحو الخارج، بينما يتكون من الداخل من كتل صغيرة الحجم، تم ملئ الفراغات التي تتخللها بالحصى.
لقد تم خلال مواسم التنقيب التي تتابعت بين عامي 1970 – 1983 الكشف عن بقية أجزاء السور الشمالي التي امتدت على مسافة 1.5 كم من المتحف الحالي حتى معسكر ديوقلسيان، كذلك تم الكشف أيضاً عن بقية أجزاء السور الجنوبي بمسافة 30 0 م، وقد تهدمت بعض أجزاء السور نتيجة الحرب التي دارت بين زنوبيا
و أورليان في 272 م، ثم أعيد بناءه فيما بعد لحاجات الدفاع. المرة الأولى أثناء حكم ديوقلسيان في نهاية القرن الثالث الميلادي، ومن جديد أثناء حكم جو ستنيان في النصف الأول في القرن الخامس الميلادي .
يضم السور في قاعدته نتوءً بارتفاع 1 5 سم بهدف تثبيته في بعض الأمكنة، خاصة الأجزاء القريبة من الحدائق، وفي المكان الذي تكون فيه الأرض صخرية يكون السور مبنياً مباشرة دون دعامة في قاعدته، وهو مزود بسبعة مداخل رئيسية تتضمن أبراج دفاعية، ويضم السور في وجهه الجنوبي مدخلين: باب دمشق وباب المسرح، بينما تقع المداخل الأخرى في وجهي السور الشرقي والشمالي,
يقع أحد هذه الأبواب مقابل قبر مارينا، و يضم عمودي زينة بارتفاع 7 أمتار، ويحيط به برجان مربعان طول الضلع فيهما ثلاث أمتار ونصف، وينفتح هذا الباب على شارع جانبي كان يؤدي إلى الشارع الكبير.
الواحات
البلح التدمري
تعليق