السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة
ربما ظن قارئ العنوان أنني أقصد الخلاف الشهير حول انتساب قبيلتنا اليوم إلى "عنزة بن أسد" أو "وائل بن جديلة" , كلاّ فليس هذا مقصدي , وإنما العنوان الكامل لموضوعي هو " لماذا ينتسب الحاضرة إلى "وائل" ولا ينتسبون إلى "عنزة" بخلاف البادية التي تنتسب إلى "عنزة" , مثالاً على ذلك , حينما تكون هناك أسر حضرية وتسألهم عن نسبهم , يقولون "وايلية" أو "بني وايل" ولا يقولون "عنزة" إلا مؤخراً , أما نسّابة نجد فالإستخدام الدارج عندهم هو استخدام لفظ "وايلية" للإشارة إلى الحاضرة , واستخدام لفظ "عنوز" للإشارة إلى البادية , ولذلك لا توجد أسرة حضريّة ينتهي اسمها "بالعنزي" في الغالب !!
وهذا ليس خاصاً بقبيلتنا فحسب , بل إن غالب الأسر الحضرية تتسمّى بإسم أقرب جدّ لعدم وجود الحاجة إلى التسمّي بإسم القبيلة الأم وهو الحاصل عند البادية الذين تعتمد حياتهم على التعاضد والعزوة بالكثرة في الحل والترحال والحروب ولا يوجد من ينفرد بإسم أقرب أجداده سوى شيوخ القبائل غالباً , مثل شيخ الفدعان الذي ينتهي اسمه بـ " المهيد" وليس "الفدعاني" , وأيضاً شيخ الرولة الذي ينتهي اسمه بـ "الشعلان" وليس الرويلي , وعلى ذلك قس .
وبعض أبناء العمومة من البادية يعتبون على الحاضرة عدم انتسابهم إلى "عنزة" وتفضيلهم "وائلاً" والحقيقة أن الموضوع ليس مسألة تفضيل , فإن الإنتساب إلى "عنزة" أفضل بلا شك من الإنتساب إلى "وائل" وهي التسمية التي بدأت في الإنحسار مع تحضر البادية ودخولهم حياة المدنية والسعي الحثيث من الجميع "حاضرة وبادية" لإعادة ربط أواصر القربى بالمصاهرة والمجاورة من خلال الإجتماع تحت راية واحدة تحمل الإسم الرسمي للقبيلة وهو "عنزة" .
فالمشكلة مشكلة تعوّد , حيث اعتاد الحاضرة والنسابة تسمية حاضرة "عنزة" بالوايلية .. ولكن ماهو السبب؟؟
أعتقد أن السبب يعود إلى قدم تحضّر الأسر العنزية في نجد , فبنو حنيفة مثلاً تحضّروا مئأت السنين !!
وآل أبو ربّاع تحضّروا قبل حوالي ثمانية قرون !!
وكما يعلم الجميع فإن قبيلة "عنزة" الحالية هي حلف يجمع قبائل بني ربيعة تحت مسمّى واحد لتوحيد المصالح وفرض الهيمنة بجيش كبير من المقاتلين بسط نفوذه من الأناضول إلى خيبر , ولكن الحاضرة كانوا في منأى عن هذا الحلف وكانت لهم حروبهم الخاصة مع أهالي القرى النجديّة , وجميعنا نعلم أن الحاضرة والبادية عموماً بينهم ما بينهم من حزازات لا تخفى على أحد , ولا نريد الدخول في نقاش عقيم حول من الأفضل , ولذلك كان هناك نوع من الإعتزاز بالنفس فلم تكن الحاضرة تريد الإنضواء تحت جناح قبائل في أصقاع الشمال للتفاوت الهائل في القوى والنفوذ لصالح البادية من جهة , ولبعدهم الجغرافي من جهة أخرى.
ولم يكن للحاضرة اتصال رسمي مع البادية إلا مع بدايات الدولة السعودية وظهورها كقوة ضاربة توسّعت بشكل متسارع حتى وصلت إلى بوابات "دمشق" وكل ذلك بمعونة قبيلة "عنزة" التي ساهمت بمالها ورجالها لأهداف سياسية من جهة وبدافع العصبيّة وتلبية نداء العزوة من جهة أخرى.
ورغم ما حدث بعد ذلك من أحداث ليس هنا مجال ذكرها , إلا أن تلك الاحداث كانت بداية التواصل وإدراك الجميع من "بادية وحاضرة" أن لا غنى لأحدهما عن الآخر , وأنهم جميعاً أبناء عمومة حريّ بهم أن يتعاضدوا ويتكاتفوا ليكونوا لابة واحدة لها شأنها ومكانتها وذلك عبر الجهود الحثيثة التي يبذلها العديد من أبناء قبيلتنا من الطرفين لتقريب البعيد والسعي لإيجاد القواسم المشتركة في عصر لم يعد فيه للسيف "والبارودة" مكان , وإنما صار الرهان فيه على الشهادات العلمية والمكانة الإجتماعية والإقتصادية وهو الأمر الذي ينبغي أن تتضافر جهودنا جميعاً لتحقيقه وأن لا يبخل أحدنا على الآخر بما يكفل لنا جميعاً الوصول إلى مستوى متقارب يحقّق الأهداف المرجوّة .
وعلى الخير لنا لقاء
سيف الجوود
تعليق