إعـــــــلان

تقليص
لا يوجد إعلان حتى الآن.

هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    هَيْبةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم

    (من دروس رمضان وأحكام الصيام)

    للأئمة والدعاة


    الحمد لله الذي خلق الخَلْق بقدرته، وأعزهم بدينه، وميزهم بأحكامه، وأكرمهم بنبيه محمد، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، خير الأنام، مسك الختام، وشفيع الخلائق يوم الزحام، وبعد:
    فإننا الليلة على موعد مع خير الخَلْق، وحبيب الحق، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، ولنأخذ صفة من صفاته؛ فقد كان علي رضي الله عنه إذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن رآه بديهةً هابه، ومَن خالطه معرفةً أحَبَّه"[1].


    وهذه الصفةُ من أجلِّ الصفات التي اتصف بها نبينا صلى الله عليه وسلم؛ أن الذي يراه لأول وهلة يرى المهابة والوقار، والذي يخالطه يحبه ويعرف كرم أخلاقه وجمال سلوكه.


    والمؤمن مطالَب بأن يقتبس من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهو القدوة والأسوة، وليكن المؤمن حريصًا على أن تعلو المهابةُ وجهَه، ويظهَر الوقار على ملامحه، ثم إذا خالطه أحد أحبه، ولا يظهر منه ما يخالف وقاره، مع التفرقة بين المهابة والكِبْر؛ فقد قال ابن القيم: "والفرق بين المهابة والكِبْر: أن المهابة أثرٌ من آثار امتلاء القلب بعظمة الله ومحبته وإجلاله، فإذا امتلأ القلب بذلك حل فيه النور، ونزلت عليه السكينة، وألبس رداء الهيبة، فاكتسى وجهه الحلاوة والمهابة ... وأما الكِبْر فأثر مِن آثار العُجب والبَغي من قلب قد امتلأ بالجهل والظلم، ترحلت منه العبودية، ونزل عليه المقت، فنظرُه إلى الناس شزر، ومشيُه بينهم تبختر، ومعاملته لهم معاملة الاستئثار لا الإيثار ولا الإنصاف، ذاهب بنفسه تيهًا، لا يبدأ مَن لقيه بالسلام، وإن ردَّ عليه رأى أنه قد بالغ في الإنعام عليه..."[2].


    والمهابة تكون بتعظيم الله، وإجلاله، وإقامة حدوده، واتِّباع نبيه صلى الله عليه وسلم، والسير على طريقته، والكِبْرُ مناقض له، فيكون بالجهل والعُجب بالنفس، وعدم الخوف من الله، والبُعد عن سنَّة رسول الله صلى الله عليه وسلم.


    وإذا طالَعْنا حياةَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذنا بعض المواقف التي تثبت مَهابته وتبيِّن وقاره، وهي كثيرة، ومنها:
    الحديث الأول: عن زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: "وكان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم قد أُلقيَتْ عليه المهابةُ"[3].


    الحديث الثاني: عن أبي مسعودٍ، قال: أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ فكلمه، فجعل ترعد فرائصه، فقال له: ((هوِّنْ عليك؛ فإني لست بملِكٍ، إنما أنا ابن امرأةٍ تأكل القديد))[4].


    الحديث الثالث: عن عمرو بن العاص، قال: "وما كان أحدٌ أحب إليَّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أجلَّ في عينيَّ منه، وما كنت أطيق أن أملأ عيني منه إجلالًا له، ولو سئلت أن أصفه ما أطقت؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه، ولو مت على تلك الحال لرجوتُ أن أكون من أهل الجنة ..."[5].


    الحديث الرابع: في وصف هند بن أبي هالة للنبي صلى الله عليه وسلم، يقول: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فخمًا مفخمًا، يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر ..."[6].


    وهذه الأحاديث دليل على المهابة والوقار، وأما ما جاء في المخالطة والحب له صلى الله عليه وسلم، فمنها: حب زيد بن حارثة لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "كان أبو زيد لما فقده - أي فقد ابنه زيدًا - قال شعرًا يبكيه به:

    بكيت على زيدٍ ولم أدرِ ما فعَلْ ♦♦♦ أحيٌّ فيرجى أم أتى دونَه الأَجَلْ؟


    فخرج حارثةُ وكعب ابنا شراحيل لفدائه، وقدما مكة، فسألا عن النبي، فقيل: في المسجد، فدخلا عليه فقالا: يا بن عبدالله، يا بن عبدالمطلب، يا بن هاشم، يا بن سيدِ قومه، أنتم أهل حرم الله وجيرانه؛ تفكُّون العاني، وتُطعمون الأسير، جئناك في ابننا عندك، فامنُنْ علينا، وأحسن إلينا في فدائه، "فإنا سنرفع لك في الفداء"، قال: من هو؟ قالوا: زيد بن حارثة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فهلا غير ذلك؟ قالوا: وما هو؟ قال: أدعُوه فأُخيِّره، فإن اختاركم فهو لكم، وإن اختارني فوالله ما أنا بالذي أختار على مَن اختارني، قالا: قد زِدْتنا على النصف، وأحسنت، فدعاه فقال: هل تعرف هؤلاء؟ قال: نعم، قال: من هذا؟ قال: هذا أبي، وهذا عمي، قال: فأنا مَن قد علمتَ ورأيت صحبتي لك، فاخترني أو اخترهما، فقال زيد: ما أنا بالذي أختار عليك أحدًا؛ أنت مني مكان الأب والعم، فقالا: ويحك يا زيد! تختار العبودية على الحرية، وعلى أبيك وعمك وعلى أهل بيتك؟! قال: نعم، إني قد رأيت من هذا الرجل شيئًا ما أنا بالذي أختار عليه أحدًا أبدًا"[7].


    إن موقف زيد بن حارثة مع أبيه وعمه لهو أكبرُ دليلٍ على عُمق محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن خالَطه وعاشَره فرأى أن هذه المخالطة ليس من السهل تركها، ولا تقديم شيء عليها، وهذه هي الأخلاق النبوية صلى الله على النبي وسلم؛ أن يهابَه الناس ثم يحبوه.


    إن أتباعَ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم أن يعملوا بمقتضى تحقيق الوقار؛ بتحقيق خوفهم من الله؛ فقد قيل: (مَن خاف الله خافه كل شيء، ومن لم يخَفْ من الله أخافه الله من كل شيء).


    فالله عز وجل قد يمنحك الهيبة بقدر إخلاصك له، وتواضعك لله، فمن تواضع لله رفعه، ومن تكبَّر وضَعه.


    موقف الحسَن البَصري مع الحَجَّاج:
    "بنى الحجاج بناءً في واسط - مدينة بين البصرة والكوفة - ونادى الحَجَّاجُ الناسَ أن يخرجوا لينظروا إليها، فسارع الحسن البصري وخرج في وسط الجموع الغفيرة، فوقف فيهم خطيبًا، فقال: لقد نظرنا فيما ابتنى أخبث الأخبثين، فوجدنا أن فرعون شيد أعظم مما شيد، وبنى أعلى مما بنى، ثم أهلك الله فرعون، ليت الحَجاج يعلم أن أهل السماء قد مقتوه، وأن أهل الأرض قد غروه، فلما سمع الحجاج مقالة الحسن البصري، اقتصر على قوله: حسبك يا أبا سعيد، حسبك، فرد عليه الحسن البصري: لقد أخذ الله الميثاق على أهل العلم ليبيننه للناس، ولا يكتمونه، ولم يملِكِ الحجاج أن يفعل للحسن شيئًا وانصرف، وفي اليوم التالي عاتب جنده وحراسه ووبخهم وعنَّفهم قائلًا لهم: تبًّا لكم وسحقًا! يقوم عبد من عبيد أهل البصرة، ويقول فينا ما شاء أن يقول، ثم لا يجد فيكم من يرده أو ينكر عليه، والله لأسقينكم من دمه يا معشر الجبناء.


    واستدعى الحسنَ لينكِّل به وسط حرسه وجنوده، وجاء الحسن وهو يدعو ربه أن يكفيه شر الحجاج، وأن يجعل نقمته بردًا وسلامًا، كما جعل النار بردًا وسلامًا على إبراهيم الخليل - عليه السلام، فدخل الحسن على الحجاج، ولم يعبأ بما رأى، ولم يهزه منظر السيف والنطع والسياف، بل كان في عزة المؤمن، ووقار الداعي إلى الله، فهابه الحجاج، وأقبل عليه يرحب به، ويدنيه من مجلسه، ويوسع له، هذا ما حدث في وسط دهشة واستغراب الحرس والجنود... وطفق الحجاج يسأل الحسن عن بعض أمور الدين، والحسن يجيبه عن كل مسألة بثقة العالم الرباني، لا يتتعتع، ولا يهتز، حتى انفض المجلس، وأحسن الحجاج للحسن، وطيَّبه"[8].


    موقف الشيخ سعيد الحلبي مع إبراهيم باشا:
    "كان الشيخ سعيد الحلبي - عالم الشام في عصره - في درسه مادًّا رِجْليه، فدخل عليه جبار الشام، إبراهيم باشا ابن "محمد علي" صاحب مصر، فلم يتحرك له، ولم يقبض رجليه، ولم يبدل قعدته، فتألم الباشا، ولكنه كتم ألمه، ولما خرج، بعث إليه بصرة فيها ألف ليرة ذهبية، فردها الشيخ، وقال للرسول الذي جاءه بها: قل للباشا: إن الذي يمد رِجليه لا يمد يده" [9].


    وتلك مهابة العلماء العاملين، ووقار المخلِصين المخلَصين، وهيبة الأولياء الصالحين، بأن يلقي الخالق إجلال الخَلْق لهم.


    وبالنظر إلى الحياة العملية، ومخالطة الناس، فعلى الإنسان المسلم أن يهتم بالجوهر كما يهتم بالمظهر؛ فقد ترى بعضهم منتفخًا معجبًا بنفسه، فإذا خالطته ندمت على قربك منه، وفي ذلك قيل:

    لا يغرنك مِن المرء قميصٌ رقعه
    أو إزارٌ فوق كعب الساق منه رفعه

    أو جبينٌ لاح فيه أثرٌ قد قلعه
    ولدى الدرهم فانظر غيَّه أو ورَعَه





    وشهِد عند عمر رضي الله عنه شاهدٌ، فقال: ائتني بمن يعرفك، فأتاه برجل فأثنى عليه خيرًا، فقال عمر: أنت جاره الأدنى الذي يعرف مدخله ومخرجه؟ قال: لا، فقال: كنت رفيقه في السفر الذي يستدل به على مكارم الأخلاق؟ فقال: لا، قال: فعاملتَه بالدينار والدرهم الذي يستبين به ورع الرجل؟ قال: لا، قال: أظنك رأيته قائمًا في المسجد يهمهم بالقرآن يخفض رأسه طورًا ويرفعه أخرى! قال: نعم، فقال: اذهب فلست تعرفه، وقال للرجل: اذهب فأتِني بمن يعرفك[10].


    وصية عملية:
    كن وَقورًا ودودًا مألوفًا؛ فتلك شيمة المؤمن؛ أن يألَفَ ويؤلف، فلا خير فيمَن لا يألَفُ ولا يؤلَفُ.

    ♦♦♦


    السؤال العاشر: مَن هو الصحابي الذي قال: دُلَّني على السوق؟
    الجواب:
    هو: عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه.

    ♦♦♦


    خاطرة (بعد الفجر): آداب العُطاس:
    إذا كان التثاؤب مِن الشيطان، فإن العُطاس من الله؛ فالتثاؤب مذموم، والعطاس محبوب، وكما سبق الحديث عن آداب التثاؤب، فنتحدث هنا عن آداب العطاس، وهي:
    1- ألا يرفع الصوت بالعطاس:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطس أحدكم فليضَعْ كفيه على وجهه، وليخفِضْ صوته))[11].


    2- أن يضع يده أو كمه على فمه:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطَس وضَع يده أو ثوبه على فيه، وخفَض أو غضَّ بها صوته[12].


    3- أن يحمَدَ الله:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا عطَس أحدكم فليقل: الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه: يرحمك الله، فإذا قال له: يرحمك الله، فليقل: يهديكم الله ويُصلِح بالكم))[13].


    4- أن يشمَّت العاطس بعد الحمد:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله يحب العطاس، ويكرَه التثاؤب، فإذا عطس فحمِد الله، فحقٌّ على كل مسلمٍ سمِعه أن يشمِّتَه ...))[14].


    وصيغة التشميت - كما جاءت في حديث الأدب السابق - أن يقول للعاطس: يرحمك الله.


    5- لا يشمَّت مَن لم يحمد الله:
    عن أبي بردة، قال: دخلت على أبي موسى وهو في بيت بنت الفضل بن عباسٍ، فعطستُ فلم يشمِّتني، وعطسَتْ فشمَّتها، فرجعتُ إلى أمي فأخبرتها، فلما جاءها قالت: عطس عندك ابني فلم تشمِّتْه، وعطست فشمَّتَّها، فقال: إن ابنك عطس فلم يحمد الله، فلم أشمِّتْه، وعطَست فحمِدت الله، فشمَّتُّها؛ سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا عطس أحدكم فحمد الله، فشمِّتُوه، فإن لم يحمد الله، فلا تشمِّتوه))[15].


    لكن يجوز أن تذكِّرَه بالحمد بعد العطاس إذا هو نسي ولم يقل.


    6- لا يشمَّت العاطس أثناء الصلاة:
    إذا عطس المصلي في صلاته، فله أن يحمَد الله سرًّا، ولا يرد عليه أحد، وإليك حالة واقعية بين الصحابة في حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ عن معاوية بن الحكم السلمي، قال: بَيْنا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ عطس رجلٌ من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكْلَ أُمِّياه، ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعَلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يصمِّتونني لكني سكتُّ، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فبأبي هو وأمي، ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه؛ فوالله، ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني، قال: ((إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيءٌ من كلام الناس، إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن))[16].


    وقال الإمام النووي - رحمه الله -: "وأما العاطس في الصلاة، فيستحب له أن يحمد الله تعالى سرًّا، هذا مذهبنا، وبه قال مالك وغيره، وعن ابن عمر والنخعي وأحمد أنه يجهر به، والأول أظهر؛ لأنه ذِكرٌ، والسنَّة في الأذكار في الصلاة الإسرار"[17].


    7- لا تشميت بعد ثلاث:
    عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إذا عطس أحدكم فليشمِّتْه جليسُه، وإن زاد على ثلاثٍ فهو مزكومٌ، ولا تشميت بعد ثلاث مراتٍ))[18].


    8- هل يشمَّت غيرُ المسلم؟
    عن أبي بردة، عن أبيه، قال: كانت اليهود تَعاطَسُ عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاءَ أن يقول لها: يرحمكم الله، فكان يقول: ((يهديكم الله، ويصلح بالكم))[19].

    ♦♦♦


    درس الفقه: (الأعذار المبيحة للفطر):
    يُباح للصائم أن يُفطِر لهذه الأعذار، وأهمها ما يلي، وقد نظمها بعضهم بقوله:

    وعوارضُ الصوم التي قد يغتَفَرْ
    للمرءِ فيها الفِطْر تِسْعٌ تُسْتَطَرْ

    حَبَلٌ وإرْضاع وإكْراهٌ سَفَرْ
    مَرَضٌ جِهادٌ جَوعةٌ عَطَشٌ كِبَرْ



    أولًا: الحمل والرضاعة:
    فالمرأة الحامل أو المرضعة إن خافَتْ على نفسها يباح لها الفطر، وفيه تفصيل:
    • إن خافَتْ على نفسها، فإنه يجوز لها أن تفطر، ويجب عليها القضاء، والعلة: أنها تدخُلُ في حُكم المريض.
    • أما لو خافت على جنينها دون نفسها، فلها الفطر، وعليها مع القضاء الفِدية، والحنفية يقولون بالقضاء فقط، ولا فِدية.


    ثانيًا: السفر:
    بشرط أن يكون مباحًا، مع العلم بأن المسافة التي يجوز له أن يفطر فيها، أن تكون: أربعة بُرُد، وقدرها العلماء بنحو: 48 ميلًا تقريبًا، وهي تعدل: 83.5 كم فأكثر، سواء تحققت المشقة أم لا؛ لعموم قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184].


    ولِما جاء عن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - أن رسولَ الله صلى الله عليه وسلم خرج عام الفتح إلى مكةَ في رمضان، فصام حتى بلغ كُرَاع الغَميم، فصام الناس، ثم دعا بقدحٍ من ماءٍ فرفعه، حتى نظر الناس إليه، ثم شرب، فقيل له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: ((أولئك العصاةُ، أولئك العصاة))[20].


    (كُرَاع الغَميم): بضم الكاف، والغميم: بفتح الغين المعجمة: اسم وادٍ أمام عسفان، وهو مِن أموال أعالي المدينة.


    ويعلِّق الإمام الشوكاني بقوله: "وفيه دليل على أنه يجوز للمسافر أن يُفطِرَ بعد أن نوى الصيام من الليل، وهو قولُ الجمهور"[21].


    "والصوم عند الحنفية والشافعية أفضلُ للمسافر إن لم يتضرر، وقال الحنابلة: يُسَنُّ الفِطر، ويُكرَه الصوم في حالة سفر القصر، ولو بلا مشقة، ورأي الحنفية والشافعية أَوْلى؛ عملًا بقول الله تعالى: ﴿ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ﴾ [البقرة: 184][22].


    ثالثًا: العجز عن الصيام:
    وله أسباب، منها: كِبَر السن، أو المشقة الشديدة؛ كالجوع والعطش، أو المرض، الذي يحصل بسببه مشقة أو هلاك؛ لقوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184].


    فأما كبير السن والمريض مرضًا مزمنًا، فإنهما يفطران وعليهما الفدية؛ لقوله تعالى: ﴿ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ ﴾ [البقرة: 184].


    ومقدار الفدية: المُدُّ عن كل يوم، وهو: مقدار ملء اليدين المتوسطتين، من غير قبضهما، ويساوي عند الجمهور: (510) جرام من القمح[23].


    أما المريض الذي يرجى شفاؤه، أو الجائع الذي زالت عنه المشقة، فوجب عليهما القضاء، ولا فِدية.
    والله أعلم.

  • #2
    رد: هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

    نور الحرف
    شكراً لكِ على الموضوع المفيد والرائع
    تقبّلِ تحياتي ،،

    تعليق


    • #3
      رد: هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

      جزاك الله خييييرا
      انتقاء رائع ومتفّرد
      وعطاء بآذخ لامس سماء الابدآع
      لـ روحك أتمنى سعاده لاتبور،,

      تعليق


      • #4
        رد: هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

        المشاركة الأصلية بواسطة فارس عنزة مشاهدة المشاركة
        نور الحرف
        شكراً لكِ على الموضوع المفيد والرائع
        تقبّلِ تحياتي ،،


        شكراا لردك وتواجدك الطيب اخي فارس

        اسعدك الله

        تعليق


        • #5
          رد: هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

          المشاركة الأصلية بواسطة روان مشاهدة المشاركة
          جزاك الله خييييرا
          انتقاء رائع ومتفّرد
          وعطاء بآذخ لامس سماء الابدآع
          لـ روحك أتمنى سعاده لاتبور،,


          اسعدك الله اختي روان وشكرا لطيب التواجد وبارك الله فيك

          تعليق


          • #6
            رد: هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

            نفع الله بكم عامة المسلمين وشكرا

            تعليق


            • #7
              رد: هيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم

              الله يعطيك الف عافيه

              تعليق

              يعمل...
              X