عرض مشاركة واحدة
قديم 07-09-2010, 01:10 PM   #314
عضو موقوف
 
تاريخ التسجيل: Oct 2009
المشاركات: 1,940
معدل تقييم المستوى: 0
smsm is on a distinguished road
افتراضي رد: عــاجــل ... آخـــر خـــبر .....!!

رسالة إلى بني عَلمان "فرع بلاد الحرمين"

بداية أهنئ رموز العلمانية في هذا العالم على نجاحهم في ضم حفنة ممن ينتسبون إلى بلاد الحرمين إلى معسكرهم معسكر الخير!!! ولكنني، وفي نفس الوقت، أؤكد لهم وعن ثقة تامة، بأن أبناء هذا البلد العظيم (بعظمة الحرمين)، سيزدادون قوة وتمسكاً بثوابتهم العظيمة، ولن يكون لسفرائهم من دور سوى إشعال وإيقاظ تلك القيم العظيمة في نفوس أبناء الأمة، كرد فعل معاكس لأفعال سفرائهم وأعوانهم، فهم يذكرونني بمن سبوا رسول الله في الدنمرك، وما ترتب على هذا السب لأشرف الخلق من صحوة لدى جل أبناء الأمة في مشارق الأرض ومغاربها، فرب ضارة نافعة، فأهلاً وسهلاً بسفرائكم في بلاد الحرمين.

للأسف وللأسف الشديد، كنت أعتقد قبل قدومي إلى بلاد الحرمين، شأني في ذلك شأن أكثر من مليار ونصف المليار مسلم حول العالم، بأن هذه البلاد المباركة، نظيفة تماماً من دنس من يسمون بالعَلمانيين Secularists أو على الأقل الليبراليين، ودعاة الانفتاح المطلق، والقبول الكامل بكل ما يأتي من الغرب، حتى ولو تعارض مع القيم الإسلامية العظيمة. فكيف لنا أن نتخيل كمسلمين - تواقون إلى زيارة هذه البلاد المباركة - أن بعض أبنائها قد غرقوا في ملذاتهم وأهوائهم، ضاربين بقيمنا العظيمة عرض الحائط؟ ولكني – كالملايين غيري – كنت واهماً، بل مخطئاً، لأنني تجاهلت حقيقة مهمة، وهي أن أي مجتمع يعج بمختلف الأطياف والتوجهات والثقافات والميول، لأننا ببساطة بشر.

ولكن اعذرونا على هذا الاعتقاد، لأننا لا نتحدث عن أي بلد، نحن نتحدث عن أشرف وأطهر بقاع الأرض قاطبة، فهي مهبط الوحي وفيها بيت الله الحرام. هي البلاد التي صال وجال فيها أشرف الخلق وصحابته الكرام ومن تبعهم بإحسان، ولهذا لم أكن أتصور أن أقرأ يوماً في صحيفة سعودية، لشخص ينتسب إلى هذه البلاد، ويطالب مثلاً بفتح دور للمجون (السينما) والطرب، وبالتالي بناء أجيال من السينمائيين والسينمائيات، ومن ثم الراقصين والراقصات، أو أن أقرأ لمن يتمنى أن يحظى بشهرة أقرب إلى شهرة مايكل جاكسون، أو أن يطالب بإلغاء أطهر جهاز عرفته البشرية، وهو "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" أو على الأقل يضرب تحت الحزام للتشهير ببعض أخطاء الجهاز لإضعاف هيبته – ومن ثم تأثيره - في نفوس الناس، أو من يتحدث عن حقوق المرأة المنتهكة، ويصور المجتمع السعودي على أنه بأكمله - وبقيمه الإسلامية - مجتمع وحوش يَهدر حقوق المرأة، حتى باتت كتاباتهم حجة على هذه البلاد المباركة، يستخدمها البعض للطعن في بلاد هي رمز لهذا الدين العظيم.

نعم كنت واهماً، وكانت صدمتي كبيرة؛ فأي مسلم في إندونيسيا أو الشيشان أو حتى في أمريكا، عندما يلاقي سعودياً في أي مكان، أول ما يتبادر إليه هو أن هذا الإنسان يحمل معه ريح مكة، وعطر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولما لا، فهو محظوظ بشرف القرب من الحرمين، وربما النسب إلى أحد صحابة نبي الهدي صلى الله عليه وسلم، فمن يدري؟ ولهذا تكون صدمتنا كبيرة عندما نقرأ لسعودي يُجَرِح أو يطالب بعلمنة هذه البلاد المتفردة بتفرد مكانتها في قلب كل مسلم.

لقد نسيتُ أن بنو عَلمان بات لهم فرع في هذه البلاد بحكم العولمة والعوالم! نعم... بات لهم فرعٌ تخصص في التشويه والاستهتار والاستهزاء بقيمنا العظيمة ورموزنا الدينية المشرفة. صحيح أن الشعب السعودي لا يشكل استثناءً على باقي الشعوب، ففيه الصالح والطالح، وفيه العاشق لدينه، وفيه المتمرد على قيمه وعاداته العاشق لهواه، بعد أن أعماه الجاه والمال الذي هبط من السماء والثراء الفاحش ونعيم الدنيا وملذاتها. نعم...المجتمع فيه هذا وذاك، وعلينا كمسلمين أن ندرك هذا الأمر، وألا ننساق انسياقاً تاماً وراء مشاعرنا المرهفة والغارقة في حب رسول الله وحب بلاد الحرمين، فبلاد الحرمين شيء ومن يحيون عليها شيء آخر، ولكن نحمد الله أن قاعدة هذا المجتمع وغالبيته الساحقة طاهرة وبريئة من توجهات هذه الحفنة من سفراء بنو عَلمان.

تخصص أيضاً بعض بنو علمان، في الذم والتشهير بأخطاء بعض رجال الحسبة، وبالتالي بناء وتغذية جيل متمرد على هذه الشعيرة والسنة الحسنة، التي استنها ولاة أمر هذه البلاد المباركة، تنفيذاً لأمر الحق تبارك وتعالي ونبيه المجتبى، بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نعم هناك أخطاء قد يقع فيها القائمين على تنفيذ هذه الشعيرة، فنحن بشر، ولكن هل من المنطق عندما يصاب إصبعي ببعض الأذى أن أبادر بقطعه، أم أتجه إلى علاجه وتقويمه؟ فهل ضاقت عليكم الأرض بما رحبت، وحللتم كافة المشاكل، وتعذر عليكم إيجاد حل لمشاكل ومعوقات تطور جهاز الحفاظ على العفة والقيم العظيمة؟!! ولكن الحقيقة المرة هي أن هذا الجهاز العظيم يشكل شوكة في نحوركم، وعقبة تعوق مسيرتكم الرامية إلى تسطيح المجتمع وإفراغه من قيمه وإغراقه في الشهوات، ولكن، أذكركم بقول الحق "يمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين".

هل يعلم بنو عَلمان "فرع السعودية" بحال الدول والشعوب الإسلامية التي تتوق إلى إنشاء مثل هذا الجهاز العظيم (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)؟ هل زرتم الجامعات في الدول العربية المجاورة؟ أو تمشيتم في الشوارع وشاهدتم مدى الانحطاط الذي وصلت إليه؟ أعلم أنكم تعتبرون هذا الانحلال والانفتاح والتسيب شكلاً من أشكال المدنية، التي ينبغي أن نواكبها! ولكن هل تعلمون أن شعوب هذه البلدان المغلوبون على أمرهم، تواقون إلى إنشاء جهاز بعظمة هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الموجود في بلادكم المباركة؟ بل هل تعلموا بأن شعوب البلدان الإسلامية تحسدكم على ما أنتم به من نعمة، ليس نعمة المال بالطبع ، ولكن نعمة وجود مثل هذه المؤسسات المشرفة؟ الأكثر من هذا: برأيكم، هل تحسنت أحوال الدول الإسلامية التي لا تعرف مثل هذا الجهاز العظيم؟ هل صارت الدول الإسلامية المجاورة – التي تحارب العفة - في عداد الدول المتقدمة بسبب وجود السينما وأهلها؟ هل وصلوا إلى القمر؟ أم دارت عليهم الدوائر، وبات أراذل المجتمع فيها متربعون على قمة هرمه؟ فإلى الله المشتكى.

إن ما يصدمني كمسلم وما يصدم كل مسلم على وجه البسيطة هو أن نجد صحفاً بعينها سخرت صفحات وأعمدة لأقلام معروفٌ توجهها، أقلام ممقوتة لدى غالبية القراء، ولكن صوتهم أعلى شأن كل شيء شاذ في هذا الكون. فالعبرة في النهاية بالنسبة لهؤلاء تكمن في نِسب التوزيع والأرباح، وليذهب المجتمع وقيمه – وحتى الدين - إلى الجحيم. نعلم جميعاً أن هناك كتاباً امتهنوا استفزاز المسلم المحافظ، من خلال كتاباتهم الشاذة بين حين وآخر، سواءً عن أهمية السماح للمرأة بالقيادة، أو إحلال هيئة الأمر بالمعروف بجهاز مدني آخر، أو فتح دور ومدن للسينما، بحجة أن ملايين السعوديين يسافرون بالأميال لمشاهدة فيلم في البحرين وغيرها؟ فما أسخفها من حجة، والتي لا تنطلي إلا على السذج الغارقون في ملذاتهم وشهواتهم، أو من ينظرون أسفل أقدامهم.

ربما يبادر أي من بني علمان "فرع السعودية" بالرد، بل والسب في شخصي، نظراً لأن المسألة شأن سعودي، وعلي أن أخرج أنفي منه، ولكني أبادر بالرد عليهم، بأن لكل مسلم حق وعليه واجب تجاه بلاد الحرمين، فهي جزء منا ونحن جزء منها، ومن ثم فهي ليست حكراً على هؤلاء. فيمكنني أن أتجاهل أي بلد في العالم إلا بلاد الحرمين، ذلك البلد الذي نتجه إليها خمس مرات في اليوم والليلة، وتتوق أنفس الملايين منا لزيارته، ترتجف أبداننا وتنساب عبراتنا لمجرد الإشارة إليه. ولهذا من حقنا أن نحزن ونجزع عندما نقرأ مثل تلك الكتابات والخيالات التي يسطرها بعض المخدوعين والمنغمسين في شهواتهم.

ولكن في النهاية، أقول لكم يا بنو علمان "إن مما يدعونا إلى الاطمئنان، كمليار ونصف المليار مسلم، هو أن الله تبارك وتعالى سخر لهذا البلد ولاة أمرٍ شرفاء، تعاهدوا جيلاً بعد جيل على الحفاظ على هويته وقيمه العظيمة، المنبثقة من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. وبالتالي، اكتبوا واحلموا كيفما شئتم، فلسنا وجلون، بل نحن مطمئنون بأن أرض بلاد الحرمين، ستبقى طاهرة نقية، يحميها كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم". اللهم هل بلغت اللهم فاشهد.




د. رضا عبد السلام

كاتب في جريدة الاقتصادية
smsm غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس