بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فلا يخفى على القارئ الكريم فضل شهر رمضان المبارك، كيف وقد اختصه الله جل وعلا بإنزال القرآن فيه، وخصه بمزيد فضل على غيره من الشهور، ويحسن بنا أن نذكر بعض السنن والمستحبات التي تستحب في هذه الشهر العظيم، تذكيراً للكاتب والقارئ، نسأل الله تعالى أن ينفع بها، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وإلى الشروع في المقصود:
السنة الأولى:
التهنئة في قدوم شهر رمضان المبارك، ودليله ما روى أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم".
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في لطائف المعارف: "قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان".
السنّة الثانية:
تعجيل الفطر عند غياب الشمس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" رواه البخاري ومسلم، قال ابن عبد البر: "أخبار تعجيل الفطر وتأخير السحور متواترة"، وننبه على أنه لابد من التحقق من غياب الشمس تحققاً تاماً.
السنة الثالثة:
تفطير الصائمين، قال تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا"، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائماً كتب له مثل أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء" رواه النسائي والترمذي وصححه، وروى الترمذي والنسائي من حديث أم عمارة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أُكِلَ عنده حتى يفرغوا، وربما قال: حتى يشبعوا" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
السنة الرابعة:
الفطر على تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، ودليله ما جاء عن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم صائماً فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء، فإن الماء طهور" رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
السنة الخامسة:
السحور، وهو أكلة السحر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" رواه البخاري ومسلم، والأمر بالسحور على الاستحباب كما قرر هذا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، كما يسن أن يكون السحور في الجزء الأخير من الليل، لقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: "تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، فقلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية"، رواه البخاري ومسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور" رواه أحمد، ويحصل السحور بأقل ما يتناوله المرء من مأكول ومشروب كما قال ابن حجر رحمه الله في الفتح.
السنة السادسة:
قيام رمضان، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"، رواه البخاري ومسلم، وروى جبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله، نفّلتنا بقية ليلتنا هذه، قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليله، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث ليال من الشهر، فصلى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور". رواه أبو داود والنسائي.
السنة السابعة:
الإكثار من قراءة القرآن في رمضان, قال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان", وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمت القرآن فإذا لقيه جبريل كان أجود من الريح المرسلة"، وفي الصحيحين أيضاً من حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً.
قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف: فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر.
السنة الثامنة:
الاعتكاف في مسجد في العشر الأواخر من رمضان، وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان" رواه البخاري، وشرع الاعتكاف طلباً لليلة القدر التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وفي فضلها يقول مجاهد رحمه الله: ليلة القدر خير من ألف شهر، قال: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر. رواه ابن جرير.
السنة التاسعة:
الإكثار من الدعاء، لاسيما في العشر الأواخر حيث تُتَحرى ليلة القدر, وقد ختم الله جل وعلا الآيات التي تبين فرضية الصيام في سورة البقرة بقوله تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان".
السنة العاشرة:
الاجتهاد في جميع أنواع العبادات، وقد سبق معنا حديث ابن عباس في البخاري وقوله: "كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل" الحديث، قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف:
وفي تضاعف جوده صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة:
منها: شرف الزمان ومضاعفة أجر العمل فيه.
ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم، كما أن من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله فقد غزا.
وفي حديث زيد بن خالد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء".
ومنها: أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لاسيما في ليلة القدر، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"، فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما في حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها، قالوا : لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام"، وهذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام، فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا، واتقاء جهنم، والمباعدة عنها، وخصوصاً إن ضُمَّ إلى ذلك قيام الليل، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الصيام جنة".
ومنها: أن الصيام لابد أن يقع فيه خلل أو نقص، وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما ينبغي التحفظ منه.
ومنها: أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله، فإذا أعان الصائمين على التقوِّي على طعامهم وشرابهم كان بمنزلة من ترك شهوةً لله وآثر بها، أو واسى منها، ولهذا يشرع له تفطير الصوام معه إذا أفطر، لأن الطعام يكون محبوباً له حينئذٍ، فيواسي منه حتى يكون من أطعم الطعام على حبه.
السنة الحادية عشرة:
إن سابه أحد فليقل: إني صائم، لما جاء في الحديث: "فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم" رواه البخاري.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن كنت صائماً فلا تجهل ولا تساب، وإن جهل عليك فقل: إني صائم.
السنة الثانية عشرة:
العمرة في رمضان، وقد جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة".
ختاماً:
روى ابن أبي شيبة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
نسأل الله تعالى أن يوفق الكاتب والقارئ للخير والسداد، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد:
فلا يخفى على القارئ الكريم فضل شهر رمضان المبارك، كيف وقد اختصه الله جل وعلا بإنزال القرآن فيه، وخصه بمزيد فضل على غيره من الشهور، ويحسن بنا أن نذكر بعض السنن والمستحبات التي تستحب في هذه الشهر العظيم، تذكيراً للكاتب والقارئ، نسأل الله تعالى أن ينفع بها، وأن يجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وإلى الشروع في المقصود:
السنة الأولى:
التهنئة في قدوم شهر رمضان المبارك، ودليله ما روى أحمد والنسائي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبشر أصحابه بقدوم رمضان يقول: "قد جاءكم شهر رمضان شهر مبارك، كتب الله عليكم صيامه، فيه تفتح أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغل فيه الشياطين، فيه ليلة خير من ألف شهر، من حرم خيرها فقد حرم".
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في لطائف المعارف: "قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضاً بشهر رمضان".
السنّة الثانية:
تعجيل الفطر عند غياب الشمس، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "لايزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" رواه البخاري ومسلم، قال ابن عبد البر: "أخبار تعجيل الفطر وتأخير السحور متواترة"، وننبه على أنه لابد من التحقق من غياب الشمس تحققاً تاماً.
السنة الثالثة:
تفطير الصائمين، قال تعالى: "ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيرا"، وقد جاء أن النبي صلى الله عليه وسلم: "من فطر صائماً كتب له مثل أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء" رواه النسائي والترمذي وصححه، وروى الترمذي والنسائي من حديث أم عمارة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: "إن الصائم تصلي عليه الملائكة إذا أُكِلَ عنده حتى يفرغوا، وربما قال: حتى يشبعوا" قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
السنة الرابعة:
الفطر على تمر، فإن لم يجد فعلى ماء، ودليله ما جاء عن سلمان بن عامر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا كان أحدكم صائماً فليفطر على التمر، فإن لم يجد التمر فعلى الماء، فإن الماء طهور" رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.
السنة الخامسة:
السحور، وهو أكلة السحر، وقد قال صلى الله عليه وسلم: "تسحروا فإن في السحور بركة" رواه البخاري ومسلم، والأمر بالسحور على الاستحباب كما قرر هذا الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، كما يسن أن يكون السحور في الجزء الأخير من الليل، لقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: "تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة، فقلت: كم كان بين الأذان والسحور؟ قال: قدر خمسين آية"، رواه البخاري ومسلم، ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور" رواه أحمد، ويحصل السحور بأقل ما يتناوله المرء من مأكول ومشروب كما قال ابن حجر رحمه الله في الفتح.
السنة السادسة:
قيام رمضان، وقد روى أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه"، رواه البخاري ومسلم، وروى جبير بن نفير عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال: "صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان، فلم يقم بنا حتى بقي سبع من الشهر، فقام بنا حتى ذهب ثلث الليل، ثم لم يقم بنا في السادسة، وقام بنا في الخامسة حتى ذهب شطر الليل، فقلنا له: يا رسول الله، نفّلتنا بقية ليلتنا هذه، قال: إنه من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليله، ثم لم يقم بنا حتى بقي ثلاث ليال من الشهر، فصلى بنا في الثالثة، ودعا أهله ونساءه، فقام بنا حتى تخوفنا الفلاح، قلت: وما الفلاح؟ قال: السحور". رواه أبو داود والنسائي.
السنة السابعة:
الإكثار من قراءة القرآن في رمضان, قال تعالى: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدىً للناس وبينات من الهدى والفرقان", وقد روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس بالخير وأجود ما يكون في شهر رمضان لأن جبريل كان يلقاه في كل ليلة في شهر رمضان حتى ينسلخ يعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلمت القرآن فإذا لقيه جبريل كان أجود من الريح المرسلة"، وفي الصحيحين أيضاً من حديث ابن عباس أن المدارسة بينه وبين جبريل كانت ليلاً.
قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف: فدل على استحباب الإكثار من التلاوة في رمضان ليلاً، فإن الليل تنقطع فيه الشواغل، وتجتمع فيه الهمم، ويتواطأ فيه القلب واللسان على التدبر.
السنة الثامنة:
الاعتكاف في مسجد في العشر الأواخر من رمضان، وقد قال ابن عمر رضي الله عنهما: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان" رواه البخاري، وشرع الاعتكاف طلباً لليلة القدر التي قال فيها صلى الله عليه وسلم: "من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" متفق عليه، وفي فضلها يقول مجاهد رحمه الله: ليلة القدر خير من ألف شهر، قال: عملها وصيامها وقيامها خير من ألف شهر. رواه ابن جرير.
السنة التاسعة:
الإكثار من الدعاء، لاسيما في العشر الأواخر حيث تُتَحرى ليلة القدر, وقد ختم الله جل وعلا الآيات التي تبين فرضية الصيام في سورة البقرة بقوله تعالى: "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان".
السنة العاشرة:
الاجتهاد في جميع أنواع العبادات، وقد سبق معنا حديث ابن عباس في البخاري وقوله: "كان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل" الحديث، قال ابن رجب رحمه الله في لطائف المعارف:
وفي تضاعف جوده صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان بخصوصه فوائد كثيرة:
منها: شرف الزمان ومضاعفة أجر العمل فيه.
ومنها: إعانة الصائمين والقائمين والذاكرين على طاعتهم فيستوجب المعين لهم مثل أجرهم، كما أن من جهز غازياً فقد غزا، ومن خلفه في أهله فقد غزا.
وفي حديث زيد بن خالد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من فطر صائماً فله مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الصائم شيء".
ومنها: أن شهر رمضان شهر يجود الله فيه على عباده بالرحمة والمغفرة والعتق من النار لاسيما في ليلة القدر، والله تعالى يرحم من عباده الرحماء، كما قال صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"، فمن جاد على عباد الله، جاد الله عليه بالعطاء والفضل، والجزاء من جنس العمل.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، كما في حديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن في الجنة غرفاً يرى ظهورها من بطونها، قالوا : لمن هي يا رسول الله؟ قال: لمن طيب الكلام وأطعم الطعام وأدام الصيام وصلى بالليل والناس نيام"، وهذه الخصال كلها تكون في رمضان، فيجتمع فيه للمؤمن الصيام والقيام والصدقة وطيب الكلام، فإنه ينهى فيه الصائم عن اللغو والرفث.
ومنها: أن الجمع بين الصيام والصدقة أبلغ في تكفير الخطايا، واتقاء جهنم، والمباعدة عنها، وخصوصاً إن ضُمَّ إلى ذلك قيام الليل، فقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الصيام جنة".
ومنها: أن الصيام لابد أن يقع فيه خلل أو نقص، وتكفير الصيام للذنوب مشروط بالتحفظ مما ينبغي التحفظ منه.
ومنها: أن الصائم يدع طعامه وشرابه لله، فإذا أعان الصائمين على التقوِّي على طعامهم وشرابهم كان بمنزلة من ترك شهوةً لله وآثر بها، أو واسى منها، ولهذا يشرع له تفطير الصوام معه إذا أفطر، لأن الطعام يكون محبوباً له حينئذٍ، فيواسي منه حتى يكون من أطعم الطعام على حبه.
السنة الحادية عشرة:
إن سابه أحد فليقل: إني صائم، لما جاء في الحديث: "فإن سابه أحد أو قاتله فليقل إني صائم" رواه البخاري.
وأخرج عبد الرزاق في مصنفه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: إن كنت صائماً فلا تجهل ولا تساب، وإن جهل عليك فقل: إني صائم.
السنة الثانية عشرة:
العمرة في رمضان، وقد جاء في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "عمرة في رمضان تعدل حجة".
ختاماً:
روى ابن أبي شيبة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال:
إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك عن الكذب والمحارم، ودع أذى الجار، وليكن عليك وقار وسكينة يوم صومك، ولا تجعل يوم صومك ويوم فطرك سواء.
نسأل الله تعالى أن يوفق الكاتب والقارئ للخير والسداد، وأن يجعلنا وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تعليق